fbpx
ماذا يفعل هؤلاء في الجنوب؟*

د عيدروس نصر ناصر

جاءوا إلى عدن موعودين بالغنائم والمنهوبات، والترقيات وربما بالمناصب والحصول على ألقاب وظيفية لم ينجحوا في الحصول عليها في حروبهم منذ عقد من الزمن.

ليس صعبا على المجرم أن يبحث عن سببٍ ملفقٍ لجرائمه المتواصلة فاللص عندما يقبض عليه متلبسا بجريمة السرقة يبرر ذلك بالفقر والجوع والفاقة، أما القاتل فقد يبرر جريمته بالاستفزاز أو تحرش المجني عليه، لكن جرائم القتل الجماعي وتدمير المنشآت وهدم المعالم الحضارية والرموز التاريخية وسحق المنشآت الخدمية تحتاج مبررا أكبر من التحرش والاستفزاز والفقر والفاقة.

كان علي عبد الله صالح أحد طرفي تحالف العدوان على عدن والجنوب وفي ذروة ثورة 2011 ضده، قد وجه قواته ذات يوم بالانسحاب من محافظة أبين الجنوبية، وليس من صنعاء، وتسليمها لأنصار الشريعة الذين معظمهم ضباطا في الحرس الجمهوري والأمن المركزي ، وعندما وجه قائد اللواء المرابط في أبين العميد الصوملي (الذي رقي لاحقا إلى لواء) جنوده بالهرب من أبين وتسليم اللواء لـ(أنصار الشريعة) تصدى له ضابط لم يعرفه البعض وما يزال اسمه مجهولا للكثيرين، لكنه كان أركان اللواء 115 المرابط في أبين ويدعونه بالعميد “الكازمي” وقال للضباط والجنود: “من أراد أن يلحق الصوملي فليذهب أما أنا فمرابط هنا ومن أراد أن يبقى معي دفاعا عن أبين فليبق “، وكانت كلمته هذه عود الثقاب الذي ألهب حماس جنود وضباط اللواء ليتصدوا لمؤامرة عفاش ، وكانت الأمور تسير باتجاه السحق النهائي لهذه المؤامرة لكن مهدي مقولة الذي كان حينها قائد المنطقة الجنوبية، وتتبعه أبين كان يوجه قواته لمناصرة “أنصار الشريعة” كلما لاحت هزيمتهم، لكن الهزيمة تحققت وتلاشى أنصار الشريعة إذ عاد معظمهم إلى ألويتهم، وذهب البعض إلى قراهم بعد أن قصوا اللحى وخلعوا اللثامات، ومن تبقى ذهب في اتجاهات مختلفة.

كانت تلك هي بذرة الكذبة الكبرى التي أعادت إلى الواجهة غزو الجنوب مرة أخرى بعد أن تعرت أكذوبة محاربة (الشيوعية) غي مطلع العقد التاسع من القرن الماضي واتضح أنها كانت حرب النهب والسلب والاستيلاء التي حولت بعض اللصوص من أصحاب الآلاف إلى مليارديرات، فأصبحت محاربة (داعش) و(أنصار الشريعة) والقاعدة هي الحجة الكبيرة للصوص الجدد، والقتلة الجدد، وسارقي اللقمة من أفواه الجوعى.

قبيل الغزو الجديد للجنوب في مارس 2015م قام مجموعة من الملثمين، وبإيعاز من علي عبد الله صالح بالاعتداء على معسكرات الأمن والمرافق الحكومية في الحوطة (عاصمة محافظة لحج) وعاثوا فيها فسادا كبيرا، وكان من بين جرائمهم قتل بعض جنود الأمن بطريقة بشعة، بينما هربت الألوية والفيالق العسكرية أو بقيت متفرجة على ما يلحق بالجنود الأبطال الذين أبو تسليم معسكراتهم لقاعدة عفاش، وكانت تلك الحادثة هي الضوء الأخضر لاقتحام الجنوب من قبل قوات الحوثيين وتلاحمها مع قوات الأمن المركزي والحرس الجمهورية والألوية المدرعة وسلاح الدفاع الجوي الم}تمرة بأوامر الرئيس المخلوع، والرابضة في عدن منذ العام 1994م، وبمعنى آخر إن الحوثيين وحلفاءهم قد غزوا الجنوب ليثأروا للجنود العشرين الذين اغتالتهم أيدي الإثم من قاعدة صالح، لكن الثأر لم يكن من القاعدة فرجالها قد خلعوا زيهم والتحقوا بقوات الحرس والأمن المركزي ليقاتلوا إلى الجانب الحوافش، . . . إن الانتقام جاء من النساء والأطفال والمواطنين العزل ومن المستشفيات والمدارس المعالم التاريخية والأحياء السكنية ومن العيادات الصحية ومخازن الأدوية ومن شبكة المياه ومحطات الكهرباء، وكل هذا بدعوى مكافحة الإرهاب.

إنهم ينتقمون من عدن لرمزيتها وتاريخيتها ومدنيتها، ويرغبون في العودة بها إلى ما قبل التاريخ لتتساوى مع نظيراتها التي يعم فيها الهمج وتسودها الجريمة وتنتشر فيها عصابات القتل والسلب والنهب، في خطة لنشر (منجزات) (ثورة) 21 سبتمر و(مسيرتها القرآنية).

ستنتصر عدن وسينتصر الجنوب وستنتصر المدنية وسيتوارى هؤلاء الهمجيون الذين يقبع في قاع كل منهم بقايا وحش لم يغادر عصر بهيميته ويأبى أن ينتقل إلى عصر الإنسان.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* من صفحة الكاتب على شبكة التواصل الاجتماعي فيس بوك.