fbpx
الأيقونة عدن.. وحلم الطامعين
شارك الخبر

تقرير ـ محمد سبيل ” البيان ”

لماذا عدن هي التي تلخص كل شجون وأشواق اليمن اليوم؟ لماذا الصراع يحتدم عليها هي بالذات، والمعاناة أشد ما تكون حولها، بينما العاصمة صنعاء على درجة أقل تأججاً؟، وكيف للصراع الشمالي ـ الشمالي، بين الحوثيين والدولة قد توجه برمته نحو عاصمة الجنوب؟! هذه التساؤلات لا تعدو ان تكون تعبيراً عن عدم الالمام بتاريخ وجغرافية عدن، فهذا هو قدر مدينة طالما اشتهاها الغزاة، ولطالما قدمت نفسها لهم قربانا يفدي باقي البلاد.

مشهد المدينة من الفضاء يظهر كيف ان معظمها يقع داخل بحر العرب (امتداد المحيط الهندي) وأن تضاريسها في هيئة حوض صخري مقعر، تلك هي مساحة مدينة عدن العجيبة، وقد سماها مستعمروها الإنجليز (kraytar) كريتر، أو فوهة البركان، وظل هذا الاسم متداولاً ردحاً من الزمان، ولكنه تحول لاحقا الى اسم لأحد أحيائها العريقة.

استهدفت عدن حملات استعمارية عديدة، جرّدها البرتغاليون، فيما استولى العثمانيون عليها بقيادة سليمان القانوني عام 1538، بغية توفير قاعدة لشن غارات ضد الممتلكات البرتغالية على الساحل الغربي في الهند، ولكن العثمانيين فشلوا في مسعاهم ولاحقا استولى الانجليز على المدينة منتصف القرن التاسع عشر.

البعد الديني

ورد ذكر عدن في «سفر حزقيال» في العهد القديم، بوصفها كانت من المحطات المهمة لتجارة التوابل، واذا كانت كلمة عدن توحي بجنة عدن، إلا أن اسم الجنة (عدْن) بالدال الساكنة، بينما عدَن المدينة بتحريك الدال، وتعني موضع الاستقرار والتوطن.

وورد في صحيح مسلم أن من علامات قيام الساعة خروج نار هائلة من قعر عدن.

جغرافيا

عدن تشرف على خليج سمي باسمها، وهي عاصمة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية قبل الوحدة، وبعدها أضحت العاصمة الاقتصادية لليمن الموحد، عرفت بأنها «عين اليمن»، ويبلغ عدد سكانها في 2015 حوالي 865,000 نسمة حسب التقديرات الاحصائية، وتبعد عن العاصمة صنعاء بمسافة تصل إلى حوالي 363 كيلومتراً، تتكون عدن من عدة أحياء هي كريتر، المعلا، التواهي، خور مكسر، الشيخ عثمان، المنصورة، دار سعد، البريقة. وتكتسب المدينة أهميتها السياحية من شواطئها ومنتجعاتها الجميلة. وقبائل مأرب تعتبر من أهم مكونات مجتمع المدينة الذي يضم أبناء جنسيات متنوعة وديانات عديدة ومتجاورة عبر التاريخ، كعادة المدن الساحلية، حينما تكون موانئ كبرى مثل عدن.

وسكان المدينة يعتبرون من أكثر أهل اليمن السعيد استنارة ومدنية بحكم تفاعلاتهم وانصهارهم ضمن مجتمع كوزموبوليتي في ظل انتشار التعليم الحديث في مجتمع منفتح ولكن الاستعمار البريطاني الذي اتخذها محمية بريطانية في الفترة من 1839 حتى 1967 كان له الأثر الأبلغ في تميزها. وتحولت بعد الاستقلال الى حاضرة لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية التي تولى رئاستها الزعيم قحطان الشعبي. وفيما بعد اتخذت الدولة الايديولوجيا الماركسية نظاما للحكم.

صراع الرفاق

من الأهوال التي شهدتها عدن في تاريخ الزاخر بالمحن الحرب الأهلية التي اشتعلت في يناير وفبراير من عام 1986 نتيجة لرغبة أنصار الرئيس السابق عبد الفتاح إسماعيل في الإطاحة بحكومة علي ناصر محمد. دامت الحرب شهرا واحدا ولكنها تسببت في الكثير من الأضرار والقتلى.

كل هذا التاريخ المحتشد باللهب والتجاذبات التي تغلي فوق فوهة بركان يجد ظلالاً له في عدن الراهنة، حيث تحتشد قوات المقاومة الشعبية المدافعة في إباء عن أسس الدولة الحديثة وعن الشرعية، منذ أن لجأ الى المدينة واحتمى بها الرئيس الجنوبي (من أبين) عبد ربه منصور هادي، وتحملت عبء حمايته بالفعل إثر سقوط صنعاء بيد الحوثيين.

استعصت عدن على الطامعين كعادتها، وصمدت أمام هجماتهم، وما فتئت تدفع ثمن صمودها عطشاً وتجويعاً وترويعاً دون ان تأبه.

معاهدة

في 22 يناير 1838 وقع سلطان لحج: محسن بن فضل العبدلي معاهدة تخلى بموجبها عن 194 كيلومترا مربعا لصالح مستعمرة عدن وذلك تحت ضغوط البريطانيين مقابل شطب ديونه التي يقال إنها كانت لا تتجاوز 15 ألف وحدة من عملة سلطنته، مشترطا أن تبقى له الوصاية على رعاياه فيها. في 19 يناير 1839، أنزلت شركة الهند الشرقية البريطانية في عدن مشاة البحرية الملكية لاحتلال الإقليم ووقف الهجمات التي يشنها القراصنة ضد السفن البريطانية المتجهة إلى الهند.

أخبار ذات صله