fbpx
مؤتمر الرياض و”ترنجي علي حسين”

د عيدروس نصر ناصر

هذا أحد الأمثال الشعبية المنتشرة في بعض مناطق يافع، إذ يحكى أن أحدهم ويدعى علي حسين كان يزرع الترنج، فاكهة من عائلة الحمضيات، ويجلب ما يحصد آخر الموسم إلى السوق للبيع، لكنه كان يضع الترنج داخل المسب (وهو وعاء من جلد الغنم ويسميه البعض الأفره) ويفرض الثمن الذي يريد دون أن يسمح للمشتري برؤية البضاعة ومن هنا جاء المثل “ترنجي علي حسين مُثمَّن وهو بالأفره”، ويقال أن علي حسين لم يتمكن من بيع أي ثمرة من ثمرات الترنج نظرا لحماقته وسوء تقديمه لبضاعته.

تذكرت هذا المثل وأنا أتابع المؤتمر الصحفي للأخوين عبد العزيز جباري ويس مكاوي وهما يؤكدان أن مؤتمر الرياض سيتخذ قرارات بشأن تنفيذ مخرجات الحوار الوطني مؤكدين أن المؤتمر سيتخذ قرار بإقرار الستة الأقاليم، وهو ما يعني وضع العربة قبل الحصان، فالقرار متخذ قبل حضور المؤتمرين وما عليهم إلا أن يبصموا على ما أقره السيدان جباري ومكاوي.

يا سلآآآم على عبقرية يعني ندعو الناس من داخل اليمن ومن أقطار أخرى، ونخسِّر الميزانية السعودية كم مليون، (لأن الميزاينة اليمنية لم يعد لديها أي ريالات بعد أن نهب الحوثيون وصالح كل البنوك)  وندفع ثمن التذاكر ومصاريف الإقامة في فنادق الرياض ونسهر الليالي قدام التلفيزيون لكي نستمتع ببشارة المولود الميت الذي علينا أن نتحمل تكاليف غسيله ودفنه ومراسيم العزاء.

نتحدث بالعقل وبعيدا عن لغة العواطف، وبعيدا أيضا عن ألاعيب الخداع والمغالطات!

لقد أعلن الجنوبيون ثورتهم قبل أكثر من 8 سنوات وقدموا أكثر من 3000 شهيدا وشهيدة وأكثر من 6000 جريح وجريحة بالإضافة الى ما يقارب 6000 شهيد في الحرب الحوثية العفاشية ومعهم ما فوق 8000 جريح فضلا عن الدمار المادي والنفسي الذي تعرض له الجنوب، (دون أن ننكر تضحيات ومقاومة المواطنين في مأرب والبيضاء وبعض مناطق تعز)، كل هذا من أجل ان تتصدقوا عليهم بإقليمين!! ومن الذي يحدد الإقليمين وحدودهما ونطاقهما وصلاحيات من يديرهما؟ طبعا ليس المواطنون الجنوبيون، ولا حتى السياسيين الجنوبيين!! إنهم الذين احتلوا الجنوب عام 1994م ومن ارتكبوا جريمة حرب 2015م وعلى الجنوبيين أن يقبلوا بما يتكرم به عليهم ناهبو ثرواتهم ومغتصبو أرضهم وقاتلو أبنائهم وسالبو حقوقهم. . . ياله من كرم حاتمي ويا لها من عبقريات عجز الزمن أن يأتي بمثلها.

لقد جرت العادة أن يدعو صاحب أي مبادرة الناس إلى اجتماع أو مؤتمر من أجل بحث قضايا عجزت عنها الأنظمة الاعتيادية والأنشطة اليومية، السياسية منها والإدارية، ومهمة المؤتمرات هي البحث في ما استعصي من قضايا والوصول إلى قواسم مشتركة بين المختلفين حول هذه القضية أو تلك، أما أن تحدد النتائج سلفا وتقول للناس تعالوا نعمل مؤتمر نقر فيه ما سبق وإن اتخذت به قرار أنا وحدي ومن طرف واحد، فإن هذا لا يختلف عن “ترنجي العم علي حسين” الذي يريد من الناس أن يدفعوا ثمنه دون أن يروه ودون حتى أن يساوموا في الثمن.

بقيت همسة نقولها لفخامة الرئيس الذي ُيقتَل الناس من أجل شرعيته،. . . وسنتحدث من الآخروسندع الكلام عن 94 وما بعدها. . ولنبدأ مما بعد مؤتمر حوار صنعاء!!

لقد طرح الممثلون الجنوبيون أكثر من خيار داخل قاعة الحوار ومن بين ما قدم المطالبة باستعادة الدولة الجنوبية وهو الطلب الذي عبر عنه معظم القادمين من الجنوب كممثلي عن الحراك السلمي الجنوبي(دعك من النسخ المصنعة التي قدمتها أحزاب شركاء حرب 94م أو من في حكمها) كما قدمت خيارات أخرى صعبة القبول في الجنوب منها خيار الفيدرالية بإقليمين وهو خيار يستدعي الكثير من الضمانات لإقناع الجنوبيين بقبوله، لكنكم فضلتم طريقة الكولسة، ورحتم تنشغلون بكيفية تلبية مطالب مراكز القوى والنافذين ولصوص الأرض والمال العام، وتراعون مشاعرهم وتضربون عرض الحائط بدماء الشهداء وبحناجر الموجوعين التي بحت بالصراخ من أنين المرارت التي تكرمتم بها عليهم على مدى عقدين، وكانت حكاية الستة الأقاليم التي شبهها البعض بمن أتى يشكو صداع في رأسه فقام الطبيب ببتر يده ورجله، وأننتم تعلمون أن المستهدف بحكاية الأقاليم الستة الجنوب ولا أحد غير الجنوب لأن الآخرين ليس لديهم مشكلة مع النظام الذي يدير البلد وقد اعتادوا على الوضع المعوج، إذا ما استثنينا بعض شكاوي أهلنا في تعز وتهامة ومأرب

يا فخامة الرئيس!

ويا أصحاب السعادة المؤتمرون!

هل علينا أن نذكركم بأن الجنوب كان دولة ذات سيادة وإنه جاء إلى الوحدة معكم بحثا عما هو أفضل لكم وله لكنه لم يلاق منكم إلا العدوان والظلم والسلب والنهب والإقصاءوالتهميش وأخيرا الغزو والقتل والإبادة الجماعية؟. . .هل علينا أن نقول لكم أن ما تريدون تقديمه للجنوب مرفوض عند غالبية الجنوبيين؟أرجو أن لا تكرروا لنا نفس الموال الممل والمملوء بالسخرية بمشاعر الجنوبيين واستغفال ما لديهم من ذكاء: الجنوبيون وحدويون؟ والانفصاليون متآمرون؟ لقد انكشفت حقيقة الوحدويين وما معنى الوحدوية التي يفهمها ناهبو الثروات وأثرياء الحروب وتجار ومهبو الممنوعات، وحقيقة المتآمرين ولمن يتآمرون ومع من يتعاملون ولماذا، ولتأكيد أن الجنوبيين وحدويون نوافقكم القول لكننا نطلب منكم استفتاءهم وتركهم يختارون ما يريدون وإذا ما اختاروا أي خيار وليكن تلك الوحدة العرجاء المكتظة بالعاهات والعلل فإننا نعدكم بأننا على استعداد أن نكسر أقلامنا ونقطع ألسنتنا ونتوقف عن الكتابة والحديث إلى الأبد.

إننا ننصحكم بالاتعاض من “العم علي حسين” الذي عاد بالترنج ولم يبع منه ثمرةً واحدةً لأن لا أحد يشتري الترنج دون أن يراه، ولا أحد يخسر ما في يديه من أجل بضاعة يعلم سلفاً أنها قد تكون السم الزعاف.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*   من صفحة الكاتب على شبكة التواصل الاجتماعي فيس بوك