fbpx
ليس لديهم لا زيت ولا زيتون ولكنهم يتدحبشون !

الدكتور قاسم المحبشي

المملكة العربية السعودية وفرت للشرعية اليمنية الهاربة ومن معها من العسكريين والسياسيين الهاربين من اليمن السعيد ومنذ اكثر من شهرين بل وبعضهم قاعدين هنا منذ سنوات وفرت لهم كل أسباب الراحة والأمن والأمان والخلوة والهدوء  لكي يعيدوا التفكير بما فعلوه ببلادهم طول العقود الماضي وكيف أوصلوا بلاد اليمن السعيد الى حضيض الحضيض ؟! وماذا يجب عليهم فعله من اجل إنقاذه من براثن الهيمنة الإيرانية ؟! ولكنهم كالعادة لم يشعروا بالمسؤولية التاريخية والأخلاقية الملقاة على عاتقهم امام الله و امام وطنهم وشعبهم المذبوح بأيدي المليشيات الحوثية والعفاشية التي كان لهم الفضل في ميلادها وتنميتها وتكبيرها وتدريبها طوال السنوات الماضية في الشمال حتى تغولت وصارت تحرق الأخضر واليابس وتفتك بكل شيء حي في بلاد اليمن السعيد الذي تحول اليوم الى مقبرة كبيرة لأهله بعد ان مهدوا لها الطريق الى احتلال وتمدير دولة الجنوب العربي في غزوة التكفير والتدمير عام ١٩٩٤م التي تم اغتنامها بطريقة وحشية ((ومن غنمه كله عدمه كله ! )).
المملكة العربية السعودية مشكورة استقبلت جميع الهاربين من قيادات الشرعية وحواشيها المتوافدة من كل مكان ليس من اجل ان يناموا هنا في الرياض ويأكلون التمر والعنب ولكن من اجل ان يساعدوها في تدبير أمر اليمن الذي بات يشكل عبئا ثقيلا عليها وعلى الخليج وشبه الجزيرة العربية  وعلى العالم الراهن ، ولكن الأخوة اليمنيون واليمنيات الأشقاء والشقيقات لم يغتنم هذه الفرصة السانحة للبحث الجاد في الأسباب التي  اوردت الجميع مورد الهلاك لان معظمهم من الامين ! بل وجدتهم يتزاحمون على التسجيل في قائمة مؤتمر الحوار المزمع غداً في الرياض وجدت أشخاص من الذكور والإناث لا يعرفون لماذا هم هنا ولا لماذا يشاركون بالمؤتمر إياه وكثير منهم أميون أمية ابجدية !
لقد شاء لي القدر ان اكون هنا ليس بحثنا عن الشرعية الهاربة بل أتيت بدعوة كريمة من جامعة الملك سعود للمشاركة في اعمال المؤتمر الدولي الاول للعلوم الإنسانية في كلية الآداب وقد سنحت لي الفرصة التعرف على أستاذة وأصدقاء أعزاء في جامعة الملك سعود التي تعد من افضل الجامعات العربية في معايير الجودة وضمان الاعتماد الأكاديمي حسب تصنيف شنغهاي وإسبانيا لقياس الجودة الاكاديمية ، تعرفت على الجامعة التي طالما كتبت عنها في سياق دراستي للجامعات العربية وقيم الجودة العالمية ووجدتها تسير في الدرب الصحيح نحو المزيد من التقدم والرقي الأكاديمي ووجدت فيها نخبة من الأستاذة المتميزين تشرفت معرفتهم وبصداقتهم .
وبسبب طول حرب انصار ايران وحلفاءهم في عدن وتدمير مطار عدن الدولي شاء لي القدر ان ارى بآم عيني بعض ملامح الشرعية اليمنية والمتوافدين للمشاركة في مؤتمر الرياض غداً للاسف الشديد لم ارى جديد في بلاد اليمن السعيد بجهله ، رائيت ماضي لا يريد ان يمضي وحاضر لا يريد ان يأتي ! رائت الوجوه التي كانت سبب في الخراب زايد الغباء الذي تحمله في عيونها المتحجرة وضمائرها الميتة ، وجدتهم هنا ولم اجد الضحايا !  لمن يتذكر هذه الخاطرة في عدن الغد قبل ايام ! كلهم يتزاحمون على دخول مؤتمر الرياض بعضهم أرادوا التسجيل مع أطفالهم ونساءهم وإخوانهم ولم اجد احد منهم يحمل ورقة وقلم وفكرة رائيت بعضهم مبتسمون ويتضرعون الى الله بهذا الدعاء اليمني الشهير : يا نعمة الله دومي علينا !  وأشياء وأشياء وأشياء كثيرة اخرى عرفتها هنا منها ان التسجيل في المؤتمر يتم بدون اي معايير مجردة من اي نوع بل على المعرفة والوساطة ببعض المتنفذين من أعضاء اللجنة التحضيرية الذين يمتلكون مفاتيح بوابة الدخول الى المؤتمر !! انها يدعون بيع الزيت والزيتون رغم اننا نعلم علم اليقين بان ليس لديهم لا زيت ولا زيتون ومع ذلك يتعيشون ويغشون المملكة التي استضافتهم واكرمتهم واطعمتهم من جوع وآمنتهم من خوف ، يغشونها بالكذب والدحبشة كما غشوا شعبهم طوال العقود المنصرمة من النهب والفساد والحرب والخراب وهم من مهد الطريق لصبي مران وعكفي سنحان خادمي ايران في شبه الجزيرة العربية ليكون لهما هذا الباع والذراع يسرحون ويمرحون ويقتلون ويحرقون ويبترعون في عدن والضالع ولحج وأبين وشبوة وحضرموت والمهرة بلاد الجنوب الممتدة على ساحل خليج عدن والبحر العربي على امتداد اكثر من ألفين كيلومتر ، في غزوتهم التكفيرية الهمجية الاولى عام ١٩٩٤ وهذي الغزوة الفاحشة التي سلكت ذات الطريق للغزوة الاولى من صنعاء الى عدن في ظل صمت وموافقة  معظم المسجلين هنا للمشاركة بمؤتمر حوار الرياض غداً ! وحدي هنا رغم الزحام من حولي ،
ولكني لم اترك هذه الفرصة السانحة تضيع مني في المزاحمة على أبواب الشرعية اليمنية النائمة بل فضلت الاستفادة مما تحويه مكتبات الرياض العامرة بالكتب الثمينة وداومت فيها بين مكتبة الملك فهد القريبة من سكني ومكتبة الملك سلمان بن عبد العزيز في جامعة الملك سعود امضي أيامي ، وحينما اجد اهل الشرعية اليمنية  والحوار  هنا في شارع العليا الراقي على طريق خروجي ودخولي  الى غرفتي في فندق نارسيس الشهير اكتفي بساءلهم السؤال  التالي : اسمي مكتوب ؟!! يبتسمون  وابتسم وكل منا يمضي في طريقه ولكنهم بعد حين يتذكرون مسرحية  عادل امام شاهد ما شاف حاجة !!  ويضحكون اخيراً بصوت عالي !  اما انا فاكتفي برصد أصداء سؤالي !
ودمتم بخير وسلام