fbpx
سطحية المسفر فيما يخص الأزمة اليمنية

مروان الجوبعي

في مقاله الأخير المعنون” كنت في الرياض مع الهم اليمني” تحدث الدكتور محمد المسفر عن مقابلته مع علي محسن في الرياض وقال أنّه قال له: لماذا لا تكون في الميدان مع جندك الذين عهدتهم وتقود عملية تحرير المدن الجنوبية؟ وكأنه يقول هنا (تكرار)-مش تحرير-  يعني تكرار تجربة الماضي عندما اجتاح الجنوب بالشراكة مع صالح وكان على رأس قائمة النهب والفساد  طوال عشرون عام مضى. لا غرابة في أن يقول علي محسن (أتمنى ذلك) لأنه معروف عند يمنياً وفي الجنوب على وجه التحديد إنما الغريب هو غباء سؤال الدكتور المسفر نفسه الذي يتجاهل حساسية الواقع وخطورته، أضف إلى ذلك استشهاده بزهو وفخر ببطولات الجنرال العجوز وحروبه ومن ضمنها حرب94الظالمة. طبعاً ضحاياها هم أبناء الجنوب الذي يريد المسفر أن يعود اليوم مرةً أخرى بجنده تحت حجة الانتصار لهم وهو ما سيقرئونه الانتصار عليهم وتكرار حرب 94م للسيطرة على الجنوب بشكلاً أو بآخر كما يكررها صالح الآن بطريقته.

على ما يبدو أن المسفر يجهل تماماً تاريخ هذا الرجل في الجنوب وتفاصيل الواقع وحساسيته أو ربما لأهداف ورغبة قطرية صرفة يتجاهل إنّ مجرد نزول هذا الجنرال في أي محافظة جنوبية سيعتبر بالنسبة لأبناء الجنوب استفزازاً بل عدواناً كحال عدوان صالح والحوثي مهما كانت دوافعه ومبرراته. ويتجاهل المسفر أيضاً حقيقة لا غبار عليها كيف لمحسن الذي هُزم في عقر داره وعز قوته ومكان شعبيته ومسقط رأسه أن ينتصر في محيط مُعادي له وغير قابل بوجوده؟

كذلك تحدث المسفر بفجاجة واثقاً من انتصار الرجل إذا ما اعتمد عليه التحالف مع أنّه لو حدثت هذه الخطوة من قِبل التحالف ستكون بمثابة هزة معنوية كبيره ورصاصة قاتلة على أثرها ستنهار المقاومة الجنوبية التي صمدت كلّ هذه الفترة رغم شح الإمكانيات وقوّة ورعونة العدوان وإنّ وجوده سيكون عبارة عن هزيمة معنوية للجنوبيين وزعزعة ثقتهم بالتحالف وإيجاد ثغرة أمام قوات صالح والحوثي لاستكمال سيطرتها على الأرض وهذا يعني هزيمة لقوات التحالف أكثر من كونها هزيمة للجنوبيين أنفسهم..!

من جهة أخرى المسفر يوشي عند محسن عن الذين قابلهم من القيادات اليمنية الأخرى في الرياض بقوله “هناك وشايات تحاك ضدك” ووضَّح بخصوص ذلك أنه قابل شخصيات تشكك به وتوشي عليه عند القيادة السعودية. والذي أجابه عليها محسن بقوله:” أعلم ذلك علم اليقين، ولكن صدقني بالله وملائكته وكتبه ورسله أني بريء من كل ما يقال” .. النكتة هنا هي في يمين محسن المغلِّظ عن براءته -وهذا يذكرني بقصة العاهرة التي تتحدث عن الشرف- أمّا التناقض والسطحية ففي كلام المسفر عندما يمتدح انتصارات الرجل وتاريخه بينما هو تاريخ أسود مليء بالمجازر والحروب والنهب والفساد أي لا فرق بينه وبين صالح من هذه الناحية وتاريخهم مرتبط ارتباط وثيق حد التطابق.. لا أدري كيف يجرؤ رجل بحجم ومكانة الدكتور المسفر أن يسمي مشاركته في جرائم الحرب الظالمة على الجنوب بطولة وانتصار لليمن مع أن محسن نفسه اعترف بأكثر من مناسبة وأقرَّ بأنها جريمة؟ وعلى أي أساس يصنف قول(أنّ تاريخ محسن سيء ويضر بقوات التحالف على الأرض إذا ما عاد) وشاية وتدليس مع أنها حقيقة واضحة يدركها من يعرف تفاصيل الواقع اليمني بدقه ؟

لم يكن د.محمد المسفر في هذا المقال الخبير والمفكر السياسي الذي عرفناه بقدر ما كان مطبل للجنرال العجوز ليكشف عن سطحية نظرته وفجاجة تفكيره فيما يخص الأزمة اليمنية برمتها، لم يكلف نفسه عناء البحث عن تاريخ الرجل والتعمَّق في تفاصيل المشهد اليمني ووقائعه بل اكتفى بالإنصات للجنرال وما يقوله وأطلق العنان لخيالة كشاعر أعمى يوصف حبيبته ويمتدحها بمحاسن لا تمت إليها بصلة !