fbpx
انصار الله أم أنصار الشيطان?

د.عيدروس نصر ناصر

هناك مقولة شهيرة لفيلسوف التنوير الفرنسي المعروف فرانسوا ماري أرويه فولتير يقول فيها “حتى اللص عندما يضع المفتاح في الباب يقول بسم الله” وتلخص هذه العبارة مدى الافتراء على الله من قبل العصاة الذين لا يتورعون عن استخدام الذات الإلهية في ارتكاب أبشع المعاصي.

كثيرا ما راودني هذا السؤال: هل من يسمون أنفسهم “أنصار الله ” حقا أنصارٌ لله؟ أو هل لهؤلاء من اسمهم نصيب؟

تحتشد اللغة السياسية بكثير من المفارقات الصارخة المعبرة عن تصادمات الأسماء مع مسمياتها والعبارات مع مضمامينها والأقوال مع مدلولاتها، كأن نقول اللص أمين، والسمسار نبيل والعاهرة شريف، (مع الاعتذار لأصحاب هذه الأسماء) وأكثر المفارقات فجاجة عندما يستظل أحدهم باسم كله قدسية وطهارة ثم وتحت هذا الاسم يرتكب من الموبقات والمعاصي كل ما يتناقض مع هذه القداسة وتلك الطهارة مما تقشعر له الأبدان ويشيب له المواليد.

عندما اختارت الحركة الحوثية اسم “أنصار الله” اعتقد منظروها بأنهم قد احتكروا الذات الإلهية لهم وحدهم وأصبحوا وكليها الوحيد على الأرض اليمنية وبالتالي فإنه ليس من حق أحد أن يسائل “أنصار الله” على ما يفعلون فهم وحدهم من ينصرون الله أما البقية فإنهم بعيدون عن الله ولا يجوز لهم الاعتراض أو الرفض.

لكن القرائن أتت بعكس الادعاءات فقد بدأت هذه الحركة التي ظل المنتمون إليها يذرفون الدموع على مظلوميتهم، بممارسة الكثير من المسالك التي تشير إلى عكس ما يدعون، ولم يكن احتلال عمران واغتيال أسرى حربهم عليها إلا صورة من صور النزعة الإجرامية لدى هذه الحركة وذهابها باتجاه سلوك طرق العصابات وتجار الممنوعات وقطاع الطرق، وراح البعض يبرر بأن تصفيتهم الجسدية لحميد القشيبي كانت نوعا من الانتقام لأن الرجل قد قتل منهم الكثير، وعلى افتراض صحة هذه الحجة فإن السؤال الفاجع الذي لا يستطيع الحوثيون الرد عليه هو لماذا لم يبقوا على الرجل حيا ثم يحاكموه في محكمة شرعية وأمام قاضي شرعي، خصوصا وإنهم كانوا سائرين باتجاه السيطرة على الحكم في كل اليمن.

هذه ليست سوى الجزئية الأقل أهمية في سلوك هذه المجموعة، لكن ما هو أفضع هو ذلك الاستمراء المقيت للكذب والتزوير والافتراء واتخاذ كل هذا وسيلة لارتكاب جرائم يخجل من ارتكابها المجرمون وأصحاب السوابق، بدءا باختطاف السياسيين وبنهب المعسكرات مرورا باحتلال المدن بحجة مكافحة الإرهاب والإرهاب لا وجود له في هذه المدن، وانتهاء بقتل الأطفال والنساء وهدم المنازل فوق ساكنيها وتدمير الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء والطرقات ومرافق الخدمات الطبية وحرمان المواطنين المدنيين منها كما جرى في عدن والضالع ولحج وغيرها من المدن والمحافظات التي ابتلاها الله باحتلال الحوثيين وحليفهم على صالح لها.

يتداول الإعلاميون وبعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي حكايات تقول أن الحوثيين وعلي صالح قد اشتركوا معا في تفجير مسجدي الحشوش والإمام زيد في صنعا وفي اغتيال عبد الكريم جذبان وعبد الكريم الخيواني ود المتوكل وذبح جنود الأمن المركزي في الحوطة لخلق مبررات ينزلون بموجبها عقوباتهم الخاصة بأطراف محددة سلفا وعلى طريقتهم الخاصة، وشخصيا بدأت أشعر بإن جزءا كبيرا من هذه التناولات إن لم تكن كلها قد لا يخلو من الصحة إذ كيف تفجر المساجد في صنعاء ويذهب الحوثيون للبحث عن الجاني في عدن؟

إن هذا السلوك لا يدل إلا على إن من يدعون أنهم “أنصار الله” لا هم أنصار ولا لهم علاقة بالله سبحانه وتعالى، وإذا كانوا أنصارا لكائن ما فإن هذا الكائن لا يمكن أن يكون إلا إبليس لا غيره، بل إن إبليس قد يأبى أن يرتكب ما ارتكبته هذه الحركة السرطانية التي أهلكت الجسد اليمني وأوصلته إلى حافة الموت.

ــــــــــــــــ

*   من صفحة الكاتب على الفيس بوك