fbpx
عدن ستالين جراد الجنوب*

د عيدروس نصر ناصر

سيسجل التاريخ معركة الدفاع عن عدن في أنصع الصفحات وأكثرها بهاء، وسيكتب المؤرخون بأحرف من نور تلك المآثر الخالدة التي يسطرها مجموعة من الفتية الرائعون الشجعان الذين دخلوا معركة غير متكافئة مع جيش جرار من الجنرالات والقادة العسكريين والمقاتلين المجربين والمزودين بكل أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة وواجهوهم بخبرات محدودة في العمليات القتالية وبلا قيادة موحدة وبأسلحة خفيفة وقليل مما غنموه من المهاجمين من الأسلحة المتوسطة ولكن بإرادة فولاذية قل نظيرها، فدافعوا وما يزالون يدافعون عن عدن ببسالة استثنائية قلما شهد لها التاريخ مثيل وألحقوا بالغزاة الجدد أفدح الخسائر، ولا يزالون صامدين بشجاعتهم النادرة التي استحقت ما هو أكثر من التقدير والإعجاب والانحناء إجلالا واحتراما وإكبارا لهذا الإبداع الخارق في التصدي للعتاة المعتديين على عدن وأهلها والدفاع عن تربتها الطاهرة وأهلها الشرفاء.

الحديث عن عدن لا ينسينا التوجه بالتحية لأبناء الضالع وبيحان الأبطال وغيرها من مناطق الجنوب اللذين أبوا أن يخنعوا لمدفعيات ودبابات وصواريخ العتاة الجدد القادمين بنهم مرتفع للقتل والإرهاب والتسلط والقمع ونشر الرعب والخوف في عدن وبقية محافظات الجنوب.

لقد صنع هؤلاء الفتية الأبطال معجزة يمكن أن تعطي عدن اسم ستالين جراد الجنوب، لهذا الصمود الأسطوري في وجه هذه القوة المغتصبة الفتاكة التي انهارت أمام إرادة هؤلاء الشباب الأبطال فكل التحية لكل من يتصدى للعدوان في كل بقعة من مناطق الجنوب وفي عدن رمز الجنوب وعنوان عزته وكرامة أهله.

سأختصر ما تبقى من مقالتي هذا اليوم بالتوجه بمجموعة من الرسائل حول الحرب على عدن والجنوب:

* الرسالة الأولى للرئيس هادي، وفيها أود أن أقول له: إننا سعداء لنجاتك من المكائد العديدة التي تعرضت لها، لكن نجاتك ليست هي الغاية الوحيدة فبإمكانك أن تقضي بقية عمرك في أي نقطة من بقاع الكرة الأرضية ولن يصيبك شرٌ، لكن الذين يدافعون عن عدن هم اليوم بلا غطاء وبلا قيادة وبلا تمويل وبلا تموين وبلا سلاح، وبعد أسر وزير دفاعك ومن معه وبعد تلاشي قيادة المنطقة الرابعة المناط بها الدفاع عن عدن، صار لزاما عليك تعيين وزيرا للدفاع (ولو مؤقت) وقيادة فاعلة للمنطقة الرابعة، ولعدن ومحيطها على وجه الخصوص، وإياك أن تصدق أن من يدافع عن عدن ومن يقاتل في الضالع ولحج وكرش وبيحان وذي ناعم هم أفراد الجيش الموالي لك، لأنه لا يوجد جيش موالي لك، حيث الكل يأتمر بأمر عبد الملك الحوثي، وحتى قائد المنطقة الأولى (حضرموت) الذي قيل أنه أعلن تأييده للشرعية لم نسمع أن أحدا من أفراد الأربعين لواء التابعة له أطلق رصاصة واحدة دفاعا عن الشرعية فهوقد يكون أعلن هذا الموقف فقط ليتجنب ضربات عاصفة الحزم، وربما قالها بأوامر من ثلاثي (الحوثي وعلي وأحمد علي) أو كما يطلق عليهم البعض (الحوفاش).

الرسالة الثانية إلى قيادة قوات التحالف، وفيها أقول لهم: إن اليمنيين لا يريدون صواريخ وقاذفات وقصف فقط، بل إن سكان عدن والضالع وبيحان ولحج، الذين يعيشون تحت الحصار بلا ماء وبلا غذاء وبلا أدوية يناشدونكم بفتح خط إمداد بالإغاثة الدوائية والغذائية يمكنهم من خلاله الحصول على ما يمكن للجمعيات الإغاثية أن تقدمه من أغذية ومشروبات وأدوية، كما يطالبون بإقامة مستشفى ميداني لمعالجة الجرحى والمصابين بعد أن دمر الغزاة كل المؤسسات الصحية في عدن وضواحيها واتخذوا من بعضها متارس للعدوان على الأهالي ومن المرضى والأطباء دروعا بشرية، فضلا عن نقل الجرحى ذوي الحالات المستعصية والتي تتطلب علاجا في الخارج إلى مستشفيات مناسبة لعلاجهم، ويناشدون باتخاذ خطوات سريعة لانتشال جثث القتلى من القوات المعتدية المرمية على قارعة الطريق والتي لم يأبه بها من قادوا أصحابها إلى هذه المحرقة حتى لا تكون سببا في انتشار الأوبئة والأمراض الفتاكة.

الرسالة الثالثة إلى أبناء المحافظات الشمالية الذين يقولون أنهم يقاومون الحوثيين: إن أبناء الجنوب ينتظرون منكم ما يؤكد فعلا أنكم تقاومون الطغيان (الحوفاشي)، فلماذا لم تستغلوا الفراغ الذي تركه الحوثي بحشد قواته إلى الجنوب لتطردوا ممثليه من مدنكم وقراكم؟ إن أبناء عدن ولحج والضالع وكرش وبيحان وأبين يقاتلون عدوكم نيابة عنكم، فماذا تنتظرون لتشاركوا في مناصرتهم؟ لماذا لا تثبتون أنكم فعلا ترفضون احتلال الحوثي لأرضكم؟ أرجو أن لا تقولون  أن أبناء عدن والجنوب أقوى أو أكثر شجاعة منكم، فأنتم تمتلكون السلاح والكثافة البشرية والقيادات القبلية والخبرات القتالية أكثر منهم، أرجوكم أن لا تدفعوا الجنوبيين لليقين بأن المعركة شمالية جنوبية، لأن السكوت عن المعركة وعدم المشاركة في مقاتلة الحوثي هي كالمشاركة في صفه، ومشاركتكم في مواجهته تضعفه وتجعله يتراجع عن جرائمه في الجنوب.

الذين يسكتون عن جرائم الحوثي في الجنوب بحجة أن محافظاتهم ليست طرفا في الصراع في حين يتخذ الحوثي وصالح من محافظاتهم منطلقا للهجوم على الجنوب إنما يفعلون كالذي يحاول أن يحجب الشمس بالغربال وسيلعنهم التاريخ عندما تتكشف الحقيقة ويتضح للعشب اليمني أنهم بما فعلوا إنما كانوا بوعي أو بدون وعي يتواطأون مع كل الجرائم التي يرتكبها التحالف (الحوفاشي) بحق اليمن واليمنيين جنوبا وشمالا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*   من صفحة الكاتب على الفيس بوك.