fbpx
الأحمق عندما يفوز بسهولة!

د عيدروس نصر ناصر
من الواضح أن الحركة الحوثية التي تسمي نفسها “أنصار الله” التي حققت انتصارا عسكريا سهلا على خصومها السياسيين، بتواطؤ وتعاون أنصار الرئيس السابق، استسهلت مواصلة مسيرتها لتبتلع لقمة أكبر من أن تتسع لها معدتها.
يقول الحوثيون ومنظروهم أنهم ثاروا على الفساد، لكنهم ينهبون البيوت ويسرقون الأثاث وأدوات الطباخة والفرشان من منازل خصومهم، ناهيك عن نهبهم للمعسكرات واستيلائهم على الواردات إلى الخزينة العامة.
يقول الحوثيون أنهم قاموا بثورة يوم 21 سبتمبر باحتلالهم للتيليفيزيون وبعض المعسكرات ومقر مجلس الوزراء ثم واصلوا اقتحاماتهم لتشمل رئاسة الجمهورية وبقية الوزارات بالقوة العسكرية الميليشياوية، وشاركهم في هذا العديد من القتلة والمجرمين والمفترض أنهم مطلوبون للعدالة، ويصدق الحوثيون أنفسهم بأن ما فعلوه هو ثورة بينما هو ليس سوى اغتصاب عسكري مسلح للعاصمة ونشر الرعب والخوف بين الأهالي وتعكير صفو الحياة اليومية للناس الذين لديهم الفائض مما يعكر عليهم صفو حياتهم.
لقد استسهل هؤلاء الحمقى إسقاط مدينتي عمران وصنعاء فطغوا وتكبروا واستشرسوا وأبدوا من الحماقات ما لا يبديه المتسكعون وأولاد الشوارع، فهم يخطفون الرهائن ويسمون هذا سلوكا ثوريا، ويحتجزون الوزراء ثم يطلبون منهم أن يكونوا حكومة تسيير أعمال، ويدعون القادة السياسيين للحوار معهم، ثم يعتقلونهم إن فكروا بالتنقل بين المدن اليمنية، يثيرون الرعب ويضايقون البعثات الدبلوماسية ثم يطلبون منها أن تعترف بشرعيتهم، يتهمون الخارج بالتآمر عليهم ثم يطلبون منه أن يعترف بهم ويتعاون معهم، ويقمعون الفعاليات السلمية الرافضة لانقلابهم ويدعون الثورية والعدالة والحرية، وأخيرا يتحدثون باسم الشعب اليمني وهم يلاقون رفضا من أكثر من 80% من هذا الشعب.
الحوثيون ولجنتهم الثورية لا يتصرفون كحركة سياسية تسوق نفسها للناس باحترام لنفسها ولغيرها، ولا حتى كفريق من شرطة مكافحة الشغب، إنهم يتصرفون بلا منطق وبلا احترام لعقول من يستمع إليهم ومن يحاول الاقتراب منهم، فحينما يهددون الأحزاب بالحل واعتقال قياداتها أن لم توقع عليهم ما يريدون فهم إنما يبدون سلوكا صبيانيا لا يسلكه من يعرف أبجديات السياسة، وعندما يهددون الوزراء بالمحاكمة إن هم لم يقوموا بالمهمات التي استقالوا منها يظهرون طيشا لا يصدر عن تلميذ في الابتدائية تجاه نظام مدرسته، أما عندما يهددون باقتحام عدن ومأرب وتعز وغيرها من محافظات اليمن شمالا وجنوبا فإنهم يبدون جهلا فاضحا حتى بأبجديات الأخلاقيات السياسية التي تقتضي إقناع الناس بوجاهة منطلقاتهم السياسية التي ليست القوة العسكرية أحد شروطها.
الحوثيون يبدون اليوم في سلوكهم السياسي كالأحمق الذي فاز بجائزة لم يكن يتوقع الفوز بربعها أو ثمنها، فدفعه هذا إلى الشطح والنطح وأصابه بالغرور والاستعلاء وانطلق يحطم كلما حوله ويعتدي على كل من يلاقي في طريقه ليجد نفسه في لحظة من اللحظات معزولا ممقوتا محاصرا بين نفسه وبين نزواته الصبيانية الرعناء، بلا أصدقاء وبلا أنصار وربما بلا جائزة.