fbpx
حوار الخاطف والمخطوف

د عيدروس نصر ناصر
الحياة السياسية القائمة في اليمن تقوم على معادلة (خاطف ومخطوف) ، هناك جماعة مسلحة قامت باقتحام العاصمة واستولت على ما في الوزارات والمؤسسات باسم ” مكافحة الفساد”، ودمرت المساجد والمساكن ودور تعليم القرآن باسم “المسيرة القرآنية” واقتحمت دار الرئاسة وحاصرت رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء، باسم ” بناء الدولة المدنية” وتمردت على قرارات مؤتمر الحوار الوطني باسم ” تنفيذ قرارات مؤتمر الحوار الوطني”، وقمعت المتظاهرين واختطفت السياسيين وأهانت النساء والرجال باسم ” ثورة ٢١ سبتمبر” ونشرت الرعب والخوف والهلع باسم “نشر الأمن والاستقرار” وتحالفت مع ألد أعداء الثورة تحت يافطة ” الثورة” ثم فتح مسلحوها أبواب الحوار مع القوى السياسية لإشراكهم في مسرحية سخيفة يسمونها “التمسك باتفاق السلم والشراكة”.
لا عجب أن يفعل هؤلاء كل ذلك فأكثر الناس حديثا عن النزاهة هم اللصوص وأكثر الناس حديثا عن الشرف هم من لا شرف لهم، وأكثر الناس حديثا عن الأمانة هم من يخونونها، لكن الأعجب هو أن هناك سياسيين يلبون الدعوة للحوار مع هذه العصابة ويراهنون على الخروج منها بشيء ذي قيمة.
لا أستطيع أن أفهم كيف يقبل سياسي على نفسه الجلوس بجانب عضو في عصابة مسلحة ليناقشه في قضايا السياسة وينتظر أن يخرج معه بنتائج توافقية.
أيها السادة السياسيون!
المعادلة مقلوبة، أنتم يا قادة الأحزاب جزء من عملية الاختطاف ، انتم مخطوفون فكيف تحاورون خاطفيكم وتنتظرون منهم نتائج محترمة من خلال عملية غير محترمة.
إجعلوا عنوان الحوار آخر “إنهاء عملية الاحتطاف” والكف عن وضع فوهات البنادق فوق رؤوسكم ورؤوس الجميع وإيقاف العبث بكل شيء في البلد وبعدها ليكن الحوار بين سياسيين متكافئين سلاحهم الكلمة والفكرية وليس البندقية والرصاصة والدبابات والعتاد المسروق من معسكرات الدولة ( المفترضة)، أما أن يأتي أحدهم ويضع الرشاش على رأسك ويقول لك تعال نتحاور، فتلك قمة السريالية والتراجيدية والكوميدية معا.
لقد نفذ الحوثيون انقلابا دمويا مسلحا لكنهم لا يرغبون في تحمل عواقبه التدميرية بل يبحثون عمن يشاركهم تحمل ما ستقود إليه مغامرتهم المتهورة، إنهم أكلوا الثوم لكنهم لا يرغبون في تحمل رائحة الثوم، بل إذ يرغبون في الاستحواذ على فوائد الثوم يبحثون عن أفواه تبتلع الروائح فقط لتعيد إخراجها.
ليست الأحزاب والقوى السياسية في مأزق بل الانقلابيون في مأزق، دعوهم في مأزقهم، ليعلم من لم يعلم بعد أنهم نفذوا انقلابا وأن عليهم أن يفعلوا ما يفعل أي انقلابيين في العالم.
لا تدعوهم يأكلون الثوم بأفواهكم ولا توفروا غطاء سياسيا لجرائمهم، حتى لو اضطررتم إلى دخول السجون أو حل أحزابكم، ووالله أنه أشرف لكم من التوقيع على اتفاق تحت تهديد السلاح يشرعن للمجرم جرائمه ويستخدم هراوة في وجه الشعب الباحث عن اللقمة والدواء والضوء والماء والأمان وهي كلها لا تتوفر عبر هذه العصابة المسلحة.