fbpx
خارطة طريق قبل الذهاب إلى مؤتمر جنوبي جامع

 د. عبيد البري

لا يختلف اثنان على أن موضوع الساعة في الساحة الجنوبية هو وحدة القيادة الجنوبية .. وهو الموضوع الأكثر إلحاحاً  على المستويين الداخلي والخارجي ، ليس فقط لقيادة العمل السياسي الثوري ، ولكن  للتعبير أيضاً عن وحدة الشعب الجنوبي  كظاهرة اجتماعية لا مثيل لها في تاريخ المنطقة ، لاسيما في ظل هذا الظرف العصيب ، الأمر الذي يتطلب أن تدركه ما تسمى قيادات الجنوب ، “التاريخية منها وغير التاريخية” ، باعتبار أن انجاز ذلك  واجباً وطنياً على الجميع ، ومن تخلف عنه فإنما تخلف عن الواجب .

 

وليس مستغرباً أن تُعَرقل الدعوة إلى المؤتمر كمشروع وطني “يجمع” كافة المكونات الثورية المؤمنة بفكر التحرير والاستقلال لدولة الجنوب المحتلة ، سواءً كانت أفراداً أو جماعات ، منظمة أو غير منظمة ، من قبل سلطات الاحتلال بالشكل الذي لا  تدركه عقول الجماهير ، حيث أن اللاعب في هذا الميدان يبدو للعيان قيادات جنوبية وليست سلطات الاحتلال !! … وبهذا يستنتج المواطن البسيط بأن الأمر متعلق بالتباين في وجهات النظر أو في الرؤى السياسية لتلك القيادات فيما يخص القضية الوطنية ، بينما الواقع شيءٌ آخر تماماً .

 

وعلى الجانب الآخر ، إذا استنتجنا أن تلك القيادات قد عجزت عن توحيد نفسها ، سواءً بفعل التأثير المعادي أو بدونه ، فإننا لا نزال نفترض أن أمام القيادات فرصة للاستجابة والتفاعل مع مشروع المؤتمر الجامع في ظل وجود الجماهير المعتصمة في الساحات منذ 14 أكتوبر الماضي ، لمساعدتها – ومراقبتها – على التغلب على أي عوائق قد تعترض السير نحو مؤتمر وطني شامل يكون فيه المؤتمر الجامع أحد المراحل المطلوبة للوصول إليه بإتباع خارطة طريق لإنجاز المهام التالية :

 

الخطوط العريضة للخارطة :

 

(أولاً)  الأحزاب السياسية الجنوبية :

إن المرحلة الحالية والقادمة تتطلب توحيد جهود كافة الأحزاب السياسية الجنوبية في سبيل الخروج من الوضع القائم في الجنوب منذ 7 يوليو 1994م ، الأمر الذي يفرض على الجميع عملاً وطنياً موحداً حسبما تراه الأحزاب مناسباً لإجراء ذلك .. وعليه تتم دعوة جميع الأحزاب الجنوبية المتفقة مع بعضها فكرياً للتنسيق فيما بينها  لإقامة ائتلافات خاصة بها .  وبعد ذلك مباشرة ، يتم التنسيق لتشكيل تكتل حزبي واحد لجميع تلك الائتلافات الحزبية تتفق فيه الأحزاب على طبيعة العلاقة فيما بينها لاتخاذ القرار التوافقي لمصلحة قضية الشعب  والوطن والأهداف  السامية .

 

(ثانياً)  قوى الثورة الجنوبية :

إن غالبية المكونات الثورية الجنوبية القائمة منسجمة فكرياً على أساس التحرير والاستقلال وهذا ما يُسهل التنسيق فيما بينها لإقامة تنظيم سياسي جبهوي ، يستند على برنامج سياسي واضح ونظام داخلي صارم ، يضم كافة تنظيمات قوى الثورة المنسجمة فكرياً ، مع إمكانية احتفاظ بعضها بالاستقلال التنظيمي الذي لا يؤثر على طبيعة القرار السياسي الجبهوي . ولتسهيل العمل في هذا الاتجاه لا بد من القيام بالإجراءات التالية  :

 

(1) يقوم مجلس الحراك الثوري الجنوبي الذي تم الإعلان عن دمجه مؤخراً بعقد كونفرنس عام في أقرب فرصة  لتوحيد قيادته وبرنامجه السياسي ووضع نظام داخلي يحكم عمله التنظيمي والسياسي ليكون نموذج لبقية المكونات .

 

(2) تنظم كافة المكونات الشبابية الجنوبية لقاءاً موسعاً لتكوين منظمة شبابية واحدة تخضع لكافة أسس العمل التنظيمي وتحدد في أدبياتها علاقتها بكل من تكتل الأحزاب والتنظيم الجبهوي لقوى الثورة .

 

(3) تنظم كافة مكونات المرأة الجنوبية لقاءاً موسعاً لتكوين منظمة نسائية واحدة تخضع لكافة أسس العمل التنظيمي وتحدد أدبياتها طبيعة علاقاتها بكل من التكتل الحزبي  والتنظيم الجبهوي لقوى الثورة .

 

(4) توحيد المكونات التي ينحصر بعدها الجغرافي وخصوصيتها على محافظة واحدة ، وكذلك المكونات التي تتشابه في بنيتها وأهدافها .

 

(ثالثاً)  المؤتمر الجنوبي الجامع لقوى الثورة :

التحضير والإعداد لإقامة لقاء تشاوري لكافة المكونات الثورية بما في ذلك منظمتي الشباب والمرأة – بعد توحيد كل منهما – للاتفاق على عقد مؤتمر جنوبي جامع لقوى الثورة الجنوبية – بدون إشراك الأحزاب السياسية أو النقابات المهنية – والاتفاق على كيفية التحضير له . ويتم في اللقاء تحديد مصدر التمويل لكل من عمليتي التحضير والانعقاد ، وكذلك يحدد اللقاء زمان  ومكان انعقاد المؤتمر الجامع .

 

(رابعاً)  المؤتمر الوطني الجنوبي العام :

تتمثل المرحلة الأخيرة من تنظيم العمل الثوري الجنوبي في إقامة مؤتمر وطني عام يمثل الوطن الجنوبي جغرافياً وسكانياً من مراكز ومديريات المحافظات الست ليشمل كافة الأحزاب والمكونات السياسية وفئات وشرائح المجتمع ، بحيث يتم  تنظيم  ذلك بواسطة مخرجات المؤتمر الجامع لقوى الثورة ، بالتنسيق مع التكتل الحزبي الجنوبي المفترض أن يكون ناجزاً . ومن خلال ذلك المؤتمر يتم تحديد ملامح دولة الجنوب المستقبلية وتوحيد القيادة السياسية للفترة القادمة حتى نيل الاستقلال بإذن الله .

 

إن الضامن الرئيس لانجاز ذلك هو الالتزام  بالشفافية من خلال إشراك الجماهير ، وخاصة تلك المعتصمة في الساحات ، لإطلاعها على كل خطوة ، ولإعطائها فرصة المشاركة في الرأي من خلال الندوات وورش العمل التي تسبق كل خطوة ، ليكون ذلك العمل متميزاً  عما يجري حالياً من إعلانات أو تصريحات أو بيانات عن التحضير للمؤتمر الجامع التي تدفع نحو عقد مؤتمر لا يعبر عن طموحات الجماهير ولا عن أهداف الثورة ، لافتقاره الإجماع الثوري والمشاركة الجماهيرية ، وكذلك لبُعد كل ما ينشره القائمون عليه عن الحقيقة !! .