fbpx
حصة الجنوب في الجيش والأمن هي التي تحقق التوازن!

تداولت وسائل الاعلام خبرا على لسان وزير الدفاع عن ضم الالاف من عناصر مليشيات انصار الله للجيش اليمني معتبرة أن ذلك يحقق التوازن داخل الجيش، وبالفعل كان الخبر صادما بالنسبة للذين يدركون تركيبة الجيش اليمني الحالي، حتى خيل لهم الأمر ان الحوثيين المنتمين إلى شمال الشمال حيث انتماء أكثر من نصف الجيش اليمني يقبع في منطقة يمنع على أفرادها  الالتحاق بالجيش أو أنه تم تسريح الالاف من مليشياته خلال الحروب الستة الماضية، والثابت أن ما قيل حول تحقيق التوازن بضم الالاف من انصار الله للجيش هو محاولة تضليل كبيرة كنت اتمنى ان لا يقع فيها وزير الدفاع محمود الصبيحي المشهود له بالكفاءة والنزاهة والوطنية، ولا حتى رئيس الجمهورية الذي هو الأخر تقع عليه مهمة بناء مؤسسة عسكرية وأمنية وطنية بناء على مخرجات الحوار الوطني التي يعمل على تنفيذها، والتي أكدت على ضرورة التوازن في توزيع الجيش بين (الشمال والجنوب) لا بين صعدة والشمال، أو الحوثيون كحركة سياسية وعسكرية والشمال، على اعتبار أن 90بالمائة من الجيش ينتمي للشمال وشمال الشمال تحديدا.

عن أي توازن تتحدثون بضم الالاف من مليشيات انصار الله للجيش والجميع يعرف تركيبة الجيش الحالي، ويعلم ايضا أن ذلك لن يحقق التوازن بقدر ما سيكرس عصبوية الجيش وانتماءه  لأطراف معينة اعاقت في العقود الماضية بناء مؤسسة عسكرية وطنية، والواضح أنها تضغط الآن في نفس الاتجاه الذي يجعل من الجيش عبارة عن مليشيات تابعة لمراكز القوى في الشمال بعيدا عن مخرجات الحوار الوطني التي اقرت توزيع الجيش بالتساوي بين الشمال والجنوب لضمان بناء مؤسسة عسكرية وأمنية وطنية، تكون ضامنة لبناء الدولة الاتحادية المدنية.

لست ضد ضم الالاف من انصار الله للجيش والأمن فمن حقهم ان يحصلوا على ذلك، لكن لا تقولوا لنا ان ذلك يحقق التوازن في الجيش لان هذه مغالطة كبيرة وتضليل ما بعده تضليل يجعل من أحلام اليمنيين ببناء دولة مدنية جديدة مجرد سراب، كما يقوي ويدعم تحركات الحراك السلمي الجنوبي نحو مشروع فك الارتباط وبناء دولة جنوبية مستقلة، لأن المؤسسة الضامنة لبناء دولة اليمنيين الاتحادية العادلة اصبحت تحت قبضة المليشيات مرة أخرى. والمعروف أن من يمتلك القوة هو من يفرض خياراته على الآخرين والعشرين السنة الماضية منذ ما بعد حرب صيف 94 الظالمة دليل صريح على ذلك.

لن يستطيع الرئيس عبدربه منصور هادي المضي قدما صوب بناء الدولة الاتحادية العادلة بدون مؤسسة عسكرية وطنية أي بدون ادوات القوة التي تحقق التوازن بين الجنوب والشمال، وتحقق الضبط الذي يفرض منطق الدولة بدل منطق العصابة، ومنطق النظام والقانون بدل منطق العشوائية والفوضى، وتنتج واقعا جديدا يستعيد الأمل والتفاؤل لدى الناس من امكانية تحقيق التوازن والعدالة ببناء دولة اتحادية يمنية جديدة،فغياب أدوات القوة المتوازنة والمتمثلة بوجود مؤسسة عسكرية وأمنية وطنية يصعب الحديث عن بناء الدولة الاتحادية سواء أكانت من (اقليمين) أو ستة أقاليم ويصعب تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، والشيء السهل الذي يمكن تنفيذه هو استمرار الحروب والصراعات التي ستقوض الدولة اليمنية تماما.

ينتابني شعور بالاستغراب من دعوة انصار الله لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني ثم يقصرون تنفيذ المخرجات فيما بعد بضم الالاف من افراد مليشياتهم للجيش والأمن، ثم يقولون ان ذلك يحقق التوازن، وكأن الوطنية مقصورة على ترتيب أوضاعهم في الجيش والسلطة، فيما يضربون عرض الحائط بتوصيات وقرارات مؤتمر الحوار التي تنص على توزيع الجيش والأمن بالتساوي بين الجنوب والشمال، وفي نفس الوقت وهم يفعلون ذلك لا يتورعون عن القول بدعم القضية الجنوبية، وهو القول الذي يكرس نفس ممارسات مراكز القوى تجاه الجنوب حيث يرون في قضيته مجرد حقوق ومظالم لا شراكة وطنية حقيقية في السلطة والثروة، لا يستقيم بناء اليمن الاتحادي الجديد إلا بها، وهذا في الواقع يعمق الهوة، ويدفع الحراك للابتعاد أكثر فأكثر عن أية حلول لقضيته في إطار الدولة اليمنية الواحدة سواء أكانت فيدرالية أو اتحادية وما نشاهده في صنعاء وعدن دليل كبير على ذلك.

ومرة أخرى نقول أن حصة الجنوب في الجيش والأمن بالتساوي مع الشمال هي التي تحقق التوازن وما دونها تضليل وكذب على الذقون.