fbpx
السياسة والدين
شارك الخبر

نقل الإمام ابن القيم في تعريف السياسة عن أبي الوفاء عقيل الحنبلي “أن السياسة هي الفعل الذي يكون الناس معه أقرب إلى الصلاح، وأبعد عن الفساد ما دامت لا تخالف الشرع”.
وقال الإمام الغزالي في الإحياء عن قدرها وفضلها: إن الدنيا مزرعة الآخرة ولا يتم الدين إلا بالدنيا، والملك والدين توءمان، فالدين أصل، والسلطان حارس، وما لا أصل له فمهدوم، وما لا حارس له فضائع.
وقد عرف ابن خلدون الخلافة – الرئاسة – في مقدمته بأنها نيابة عامة عن صاحب الشرع – وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم ــ في حراسة الدين، وسياسة الدنيا به. ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، سياسيًا بجوار كونه مبلغًا ومعلمًا وقاضيًا.. فقد كان هو رئيس الدولة، وإمام الأمة، وكان خلفاؤه الراشدون المهديون من بعده سياسيين على نهجه وطريقته، حيث ساسوا الأمة بالعدل والإحسان، وقادوها بالعلم والإيمان.
وكتب الشيخ محمود شلتوت كتابه “الإسلام عقيدة وشريعة” ليؤكد على أن الإسلام دين ودولة.
وقد فصل بعض العلماء في المعنى الشامل للإسلام، فقالوا: إن الإسلام عقيدة وعبادة، ووطن وجنسية، وسماحة وقوة، وخلق ومادة، وثقافة وقانون، وأن المسلم مطالب بحكم إسلامه أن يعنى بكل شؤون أمته ومن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم.
وقد انتقد الشيخ الخضر حسين وضع الفصل بين الدين والسياسة، واعتبر هذا الفصل بدعة منكرة.
وشخصية المسلم التي يشكلها الإسلام تمثل السياسة فيها أحد جوانب التشكيل والصياغة، ومن ثم فلا مفر من أن تكون شخصيته سياسية، لأن الإسلام يضع في عنق كل مسلم فريضة اسمها: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد يعبر عنها بعنوان النصيحة لأئمة المسلمين وعامتهم.
وإن المسلم قد يكون في قلب الصلاة، ومع هذا يخوض في بحر السياسة حين يتلو من كتاب الله الكريم آياتٍ تتعلق بأمور تدخل في صلب السياسة، مثل الآيات التي تتحدث عن الصراع بين موسى عليه السلام وفرعون في سورة طه، أو الآيات التي تدعو إلى الحكم بما أنزل الله تعالى في سورة المائدة.
ويرجع السبب في ذم السياسة لدى كثير من مسلمي اليوم إلى كثرة ما عانوه من السياسة وأهلها – كما يقول الشيخ يوسف القرضاوي – سواء كانت سياسة الاستعمار، أو سياسة الحكام الظلمة، فقد كرهوا السياسة، وكل ما يتعلق بها، خصوصًا بعدما أصبحت فلسفة ميكيافيلي هي المسيطرة على السياسة والموجهة لها، حتى حكوا عن الشيخ محمد عبده أنه بعدما ذاق من مكر السياسة وألاعيبها ما ذاق ــ قال ــ كلمته الشهيرة: “أعوذ بالله من السياسة، ومن ساس ويسوس، وسائس ومسوس”.

 

فتحي أبو الورد

الشرق

أخبار ذات صله