fbpx
استقلال الجنوب .. بين خطرين – احدهما داخلي والآخر خارجي (المحرر السياسي )
شارك الخبر
استقلال الجنوب .. بين خطرين – احدهما داخلي والآخر خارجي (المحرر السياسي )

يافع نيوز الفورقية – المحرر السياسي

ليس من السهل قراءة الأحداث المتسارعة والمتشابكة دون سبر أغوار العلاقات وجذورها ومنشأها، والتطورات اللاحقة بها، وأي قراءة للوضع الراهن في ظل الأحداث الظاهرة تبقى مجرد قراءة سطحية قد تكون مبتورة الجذور وغير عميقة الشواهد .

وعادة .. يكون تسارع الأمور المفاجئ، وتلاحق أحداثه بأي شكل كانت، لصيقاً لمخطط أعمق تديره قوى نفوذ إقليمية ودولية، وحسب تقاطع المصالح المتعلقة بتلك القوى .

ومن هنا فإنه من غير الطبيعي، أن ينظر لمسألة ” استقلال الجنوب ” كحدث ملحق بتلك الأحداث، كونه ليس عابر او مسألة تقتضي تسوية سياسية شبيهة بتلك التسوية السياسية في صنعاء والتي وصفتها أطراف كثيرة بأنها فاشلة، رغم الدعم الكبير لها من قبل  مجلس الأمن والمجتمع الدولي  .

لكن هناك خطرين بارزين يشكلان الإعاقة أمام تحقيق  ” استقلال الجنوب ” وسط ضبابية المشهد شمالاً وخطورة المواجهات الطائفية بين الحوثيين والقاعدة، وجنوباً بوجود الفراغ البنيوي في التكوين الداخلي للجنوب، رغم الالتحام الشعبي الكبير، والأغلبية الساحقة التي يشكلها شعب الجنوب المشارك في الثورة التحررية الجنوبية السلمية، بالنسبة الى عدد سكان الجنوب العام، لكن مع ذلك يجب ان ندرك حقيقة مرة، تتعلق بوضع الجنوب الداخلي، الذي ينظر له المجتمع الدولي بأنه لا يزال فارغاً ويشكل خطراً على الداخل الجنوبي، وكذلك على الخارج، لأهمية الموقع الجغرافي في الجنوب .

وبشكل أكثر وضوحاً، يمكن ذكر تلك الحقيقة، في أنها احد الخطرين، المحدقين بــ” استقلال الجنوب ” وهو  خطر داخلي يتمثل في – العامل السياسي الجنوبي – أي ان أي  استقلال لأي دولة، يجب أن يسبقه، الكثير من الإجراءات الداخلية الراسخة، لابد ان تشكل تلك الإجراءات، عامل تطمين، حيث لا يمكن أن يقبل المجتمع الدولي أي ” استقلال للجنوب ” ما لم يكن هناك، وضوح وثبات في البنية التي سيقوم عليها الاستقلال، وأهمها ( البنية السياسية ) للجنوب – أي للدولة المراد أقامتها  .

ولهذه البنية السياسية، عملية تفصيلية، تشكل فرزاً مؤطِراً للسياسيين، والآراء التي تتشكل بها ” العملية السياسية “، وتكون المدماك البنائي للدولة وهكيلتها السياسية، باعتبارها أساس الدولة والنظام .

إضافة الى عامل سياسي يتعلق بالشمال، إذ ان الوضع المعقد جداً، والتداخل الإقليمي، بات يلقي بصراعات أطرافه، بقوة على الساحة في اليمن، جنوباً وشمالاً، ضمن أدوات داخلية وتوافر العوامل والبيئة القابلة للخوض في صراع داخلي، بالنيابة عن ” أطراف الصراع الإقليمي “، ومن الصعب نجاح أي تسوية سياسية، او مشاريع ظاهرية، ما لم يتم  ( الحل الواضح ) للقضايا الرئيسية التي تشكل عنوان الخلاف أو العجز السياسي .

أما الخطر الثاني الخارجي، فيمكن إيجازه، فيمكن إيجازه، بالتدخل الخارجي الغامض، والمربك للمشهد السياسي بشكل عام في اليمن، والمعتمد على العمل، ضمن الترتيبات السياسية التي أثبتت فشلها بامتياز، وخاصة فيما يخص وضع الحلول المتعلقة بــ” القضية الجنوبية ” .

ومع ذلك فإن الخطر المحدق بالاستقلال الجنوبي، لم يعد محصورا على الجنوب وحده، بل يشمل دولاً عديدة عربية وأجنبية، في مقدمتها ” مصر العربية والمملكة السعودية ودول الخليج”، وهو خطر مباشر يتمثل بتعرض المصالح الاقتصادية للخطر، وكذلك تعرض مسار التجارة الدولية لاحتمالات شتى، في حالة ما إذا اندلع صراع ” مليشاوي ” في الجنوب كامتداد للصراع ” المليشاوي الطائفي” الدائر في محافظات الوسط اليمن .

الواقع المأزوم اليوم ينذر بتحول الأمور الى صراع طائفي، مدعوم بمراكز خارجية تموينية بالسلاح، والمقاتلين، حيث تعد ( الصومال ) القريبة من “باب المندب” مركز عالمياً لتخريج ما يسمون ” المجاهدين ” المرتبطين بتنظيم القاعدة، فيما تأتي ” اريتريا ” كمركز آخر لتدريب مقاتلين مرتبطين بإيران، والذين سيدعمون الحوثيين بالمقاتلين في حالة أي مواجهات محتملة بالمناطق البرية بباب المندب، وهذا سيؤدي الى زعزعة الممر الدولي، ومن ثم تعرض التجارة والسفن المبحرة للخطر، وربما تعود مشكلة ” القرصنة ” من جديد  .

من هنا بات الواجب يحتم النظر بعقلانية للأمور، مع تحرك متسارع بالتوازي، لتجنيب المنطقة والجنوب بالذات، أي صراعات او فوضى، وذلك لن يكون إلا بتفاهم جدي، على استقلال الجنوب، من خلال فترة انتقالية مزمنة، لترتيب أوضاع السياسة وملحقاتها، وإعلان الاتفاقيات المتبادلة والوضع الجيوسياسي الجديد في اليمن .

أخبار ذات صله