fbpx
التواجد الحوثي في الجنوب .. حجمه .. سببه .. ومستقبله في ظل تطورات الصراع الطائفي الشمالي ؟
شارك الخبر
التواجد الحوثي في الجنوب .. حجمه .. سببه .. ومستقبله في ظل تطورات الصراع الطائفي الشمالي ؟

يافع نيوز – تقرير – خاص ( اديب السيد) :

للملفات التي تتحكم بها السياسة وتتداخل فيها المصالح والولاءات، ويحركها ” المال السياسي ” حضورها في مسار التحولات اليمنية شمالا وجنوباً، وكذلك تأثيراتها الكبيرة في خارطة التحالفات سواءً الرسمية او الشعبية الفردية أو الجماعية  .

احد تلك الملفات التي برزت مؤخراً على الساحتين الشمالية والجنوبية، هو ملف ” الاستقطابات الحوثية في الجنوب “، فكيف تتم عملية الاستقطاب تلك ..؟ وما مدى تأثيرها على المجتمع الجنوبي، وحجم أولئك الموالين من الجنوب للحوثيين او المنظمين الى تيارهم السياسي المسمى ” انصار الله ” ؟ بالإظافة الى جدوى فعالية اولئك في مسيرة الثورة الجنوبية، وسبب قيام الحوثيين بتلك الاستقطابات في صفوف الجنوبيين، ومستقبلها ايضاً ..؟

بالتأكيد أن لهذا الملف الذي رأت صحيفة ” يافع نيوز” طرحة للرأي العام، ومناقشته، أهمية بالغة في خارطة السياسة المحلية والاقليمية، وذلك لتعريف الرأي العام الجنوبي، بتحولات المرحلة، وتداخلات السياسة، واشتغالات اطراف عديدة وقوى شمالية ايضاَ في الجنوب، عبر مناصرين، او أعضاء يدينون لها بالولاء، وخاصة بعد أن سقط الكثيرون في براثن (المال السياسي)  .

أصل الحكاية :

في خضم الأحداث ومنذ بروز نجم الحوثيون للظهور من محافظة صعدة الشمالية اليمنية، وبعد الحرب الأولى التي دارت بينهم وبين السلطات اليمنية عام 2004م، كانت سياسيون وقوى جنوبية، أول المتعاطفين معهم، والرافضين لممارسة القوة من قبل النظام اليمني بقيادة ” علي عبدالله صالح ” ضد الحوثيين، وكذا تجدد الموقف وتوسع مع كل حرب كان يشنها الجيش اليمني ضد الحوثيين، حتى بات التعاطف الجنوبي بارزاً، وبالأخص بعد انطلاق الثورة الجنوبية التحررية السلمية بقيادة ” الحراك الجنوبي السلمي “، والذي بات يشكل موقفا شعبيا ورسميا قويا إلى جانب الحوثيين .

ومع استمرار التعاطف الفردي والجماعي مع الحوثيين، رأى الحوثيون الذي استطاعوا فرض خيارات عديدة على النظام اليمني، بدعم إيراني  كامل، أن يقوموا باستقطابات في صفوف الحراك الجنوبي السلمي، او من خارج الحراك ممن هم موالون لأحزاب في النظام اليمني كحزب “المؤتمر الشعبي العام ” او  ” الحزب الاشتراكي اليمني “، وفعلاً قام الحوثيون بعمليات استقطاب بين الجنوبيين، كان اغلبها باستخدام ” المال والسفريات والإغراءات” ولكنها بقيت استقطابات محدودة .

أدى توسع نفوذ الحوثيين، في الشمال،  وزيادة تنامي قوتهم يوما بعد آخر، مع مؤشرات انهيار النظام اليمني، إلى توسع في عملية الاستقطابات بين جنوبيين في الشمال، كانوا يعملون ضمن أحزاب يمنية، بالتزامن مع استقطابات للحوثيين ايضاً في المناطق الوسطى من اليمن، كتعز وإب .

كما كان لتلك الاستقطابات مسار آخر مع شخصيات جنوبية في الخارج، وذلك عبر اطراف إيرانية، ضمن سياسة إيران الساعية لتوسيع نفوذها في المنطقة .

استقطابات (مذهبية أم سياسية ) ؟

تظهر سياسة الحوثيين التوسعية، انهم يعتمدون على الولاء المذهبي، في الشمال ومحافظاته، وبين اوساط قبائله وقواه المجتمعية، إذ يتخذون من ” المذهب الزيدي” منطلقا لكسب الولاءات في الشمال والذي تعد غالبيته ” زيدية”، وهذا ما ساعد على ظهور الحوثيين الى الساحة بقوة، ونجاحهم في صنع رأي عام شمالي ساعدهم في تحقيق نجاحات سياسية وتوسعية كبيرة .

لكن في الجنوب، ليس للزيدية حضوراً بتاتاً، لهذا اتخذ الحوثيين  من تعاطف الجنوبيون معهم في الحروب ضدهم، مسلك السياسة والتحالف السياسي، مدخلاً للتأطير ضمن الحركة الحوثية، او صنع تحالفات استراتيجية مصغرة مع شخصيات جنوبية في الخارج، عبر اطراف ايرانية .

وعندما كانت السياسة منطلقا لهم، تفاعل جنوبيون معهم، في حدود السياسة، لكن سقوطا فرديا متواليا كان حاضرا في المشهد، وضمت التحالف والتعاطف السياسي، وذلك بمساعدة الانتماء القبلي الى ( آل البيت ) – أي ان الحوثيين وجدوا فرصة سانحة امامهم، لاستقطاب فردي لــ ” هاشميي الجنوب “، إلا ان ذلك الاستقطاب لم يقف عند السياسة، بل تحول الى ولاء وتاطير ضمن تيار الحوثيين السياسي ” انصار الله “.

ومع محاولات عديدة للحوثيين، في التوسع في مناطق عديدة من الجنوب، بإسم ” ال البيت “، إلا ان الاغلبية الهاشمية الجنوبية، رفضت الولاء للحوثيين، وتمسكت بالفوارق المذهبية بين ” هاشميو الجنوب وهاشميو اليمن الشمالي”، وكذلك الولاء الأول والاخير لدى هاشميو الجنوب للقضية الجنوبية، وانخراطهم في الثورة الجنوبية المطالبة باستقلال الجنوب عن الشمال، مهما كان من يحكم الشمال او سيد قراره، وهناك من صدح بصوته محذرا من الاستقطاب الحوثي لهاشميو الجنوب، مما سبب في اعاقة التوسع الحوثي في الجنوب،ولا يعني ذلك ان كل  ” هاشمي جنوبي” يساند الحوثيين، او يقف معهم . مع ذلك فإن الاستقطاب لغير الهاشميين في الجنوب من قبل الحوثيين، اكثر من استقطاب الهاشميين الجنوبيين، لكون ذلك اعتمد على انفاق ” المال السياسي”ن وهو الذي سقط به  افرادا جنوبيين في شرك الولاء الحوثي .

 

حجم التواجد الحوثي بالجنوب :

للتواجد الحوثي في الجنوب اليوم، ظروفه وأحواله الغير ساره في اوساط المجتمع الجنوبي بكل فئاته المجتمعية او السياسية .

ويأتي وصفنا في هذه التقرير لما اسميناه ” التواجد الحوثي ” ممن قد يتعاطفون مع الحوثي او المنظمين الى جماعة ” انصار الله  ” الحوثية من الجنوبيين ، من باب التساؤل عن مدى التأثير والفاعلية لهذه الجماعة التي اختارت طريقها في إطار الارتباطات القبلية او حتى المذهبية النادرة في الجنوب بالنسبة للمذهب ” الزيدي او الشيعي ” الذي يشكل غالبية في مناطق شمال اليمن الشمالي .

ويشير مراقبون جنوبيون، ان الحوثيون ركزوا في استقطاباتهم، على مناطق بعينها في الجنوب، او بالاحرى، استطاعوا العمل فيها والاستقطاب، مثل بعض المديريات في محافظتي ” شبوة وحضرموت ” وكذلك، في محافظة ” بعض قرى محافظة الضالع ومديريات بلحج”.

ويؤكد مراقبون، انه مع كل المال السياسي الذي ينفقه الحوثيين، او اطراف ايرانية على جنوبيين، إلا ان حجم التواجد الحوثي في الجنوب، قليل جداً، ولا يمكن ان يرتقي الى مستوى ان يشكل ذلك خطراً على المجتمع الجنوبي، او حتى ” المذهب الشافعي” الذي ينتشر في الجنوب بشكل كامل .

سبب التواجد الحوثي بالجنوب :

يظهر بوضوح ان اسباب العمل الحوثي والايراني الحثيث، على مزيد من الاستقطابات في الجنوب ومناطقه، تأتي بشكل متداخل محليا وخارجيا، سياسيا ومذهبياً، ويمكن تصنيف تلك الاسباب الى صنفين .

الاول : اسباب مرتبطة بإيران :

ان إيران التي تقف خلف قوة الحوثيين في الشمال، ونجاحهم في اسقاط صنعاء قبل نحو شهر،  ليدها مشروعا استراتيجيا تهدف من خلاله الى السيطرة على اليمن، بشمالها وجنوبها، ضمن مشروعها بالسيطرة على الخليج العربي، واعادة مجدها في تسمية الخليج وتحويله الى  “الخليج الفارسي ” .

وترى ايران، انها ومن خلال الحوثيين، الذين باتوا قوة في الشمال،  تستطيع السيطرة على مضيق ” باب المندب” الذي يشكل مخنقا للخليج العربي وولا عربية أخرى، في حالة سقوطه بيد ” ايران ” التي تسيطر أيضا على ” مضيق هرمز ” ، وابرز تلك الدول ” مصر ” التي لا تستطيع الاستغناء على باب المندب لارتباطه المباشر بــ”قناة السويس ” وكذلك دول الخليج العربي ودولا افريقية عربية وغير عربية .

كما يمكن لايران عبر توسعها في الجنوب وقربها من باب المندب، ان تشكل عامل ضغط كبير، على الدول الغربية كامريكا وبريطانيا المتحالفة مع المملكة السعودية والامارات وما جاورها، من اجل السماح لها، بتخصيب اليورانيوم، وانتاج ” قنبلة نووية ” لتدخل ايران عالم ” النووي” كقوى عظمى في العالم .

الثاني : اسباب تخص الحوثيين :

الحوثيون كقوة منتصرة ومسيطرة على صنعاء، عاصمة اليمن، لم تكن ترى في حكم فائدة، ما لم يكن الجنوب موحدا مع الشمال، ومع دغدغة العواطف التي مارسها الحوثيين تجاه الجنوب، فإن الايام تكشف يوما بعد آخر، ان الحوثيون سائرون على نفس دربهم من سبقهم من قوى الاصلاح والمؤتمر تجاه الجنوب .

لهذا يرى الحوثيين انه يمكن لتواجدهم في الجنوب، ان يخلق رأي عام او جزء منه، يخدمهم من خلال خروجه في حالة عدم تمكنهم من السيطرة على الجنوب، للوقوف معهم، وللمطالبة برفض الاستقلال للجنوب، وبقاء الوحدة اليمنية او الذهاب الى خيار فيدرالي، رغم ان الحوثيين يدركون ان مالهم السياسي ومدى انفاقهم في الجنوب، لم يستقطب لهم، إلا جماعات قليلة تتنقل مع المال السياسي اينما حل وكان .

ما هو مستقبل التواجد الحوثي بالجنوب ؟

قد تختلف التأويلات بشأن مستقبل التواجد الحوثي في الجنوب، لكن ابرز ما يراه مراقبون جنوبيون، هو انه لا مستقبل للحوثي في الجنوب، لا مذهبيا ولا شعبياً او سياسياً، وذلك نتيجة انعدام الثقة بشكل كامل، في أي قوى شمالية في الجنوب، حتى وغن كان الحوثيون وقفوا وافصحوا عن مواقف لا بس بها تجاه القضية الجنوبية، لكنها لا تعدو غير ما سمي ” اقليمين “، وهو ما يراه الجنوبيون غير مجدي تجاه القضية الجنوبية التي لن يكون لها حل جذري، غير استعادة الدولة الجنوبية، وفق خارطة طريقة مزمنة وفترة انتقالية قصيرة .

لقد سبق الحراك الجنوبي السلمي، كل مشاريع الشمال، وكان جديراً بخلف وعي كبير، بأهمية وحدة النسيج الجنوبي، واستقلاله عن القوى الشمالية اليمنية، وهو ما ادى الى حصار التوسع الحزبي اليمني في الجنوب، والحد منه، حتى اضحى نفوذ قوى الشمال من ” تحالف 94″ لا يكاد يذكر، وعلى نفس الأمر سيسري ذلك على التوسع الحوثي، بل اشد منه، وذلك، لاختلاف المذهب، الذي يعتمد عليه الحوثي في كسب التعاطف والولاء .

من هنا، يمكن القول، ان على الحوثيين، ان يكتفوا بما مهدوه من امتداد في المحافظات الشمالية، وحتى في محافظات الوسط ” اب وتعز ” الشافعيتان، لأن أي امتداد لهم الى الجنوب، سواء بالمذهب او السياسية، لن يكون مجدياًن في ظل التحولات التي جرت خلال مسرة الحراك الجنوبي السلمي .

والحراك الجنوبي، حتى وان وجد فيه من يناصر الحوثيين او يدين بالولاء لهم عبر تواصلات ايرانية، فهي مجرد اعمال فرديةلا تعتمد على قواعد شعبية، لكون القضية الجنوبية وقضية استعادة دولة الجنوب طغت على كل المشهد الجنوبي، فظلاً عن ان الجنوب بكامل محافظاته ومناطقه شافعي المذهب، وله امتداد تأريخي وهوية غير مرتبطة باليمن الشمالي .

 

 

نقلاص عن صحيفة يافع نيوز الورقية

أخبار ذات صله