fbpx
غـريـب أمــرهــم.. يتـقـاتـلــون ويـتـفـقـون!

لم اطرح هذا الموضوع من باب المزاح أو لفراغ وقت، ولكنه حقيقة واقعة، تحدث في هذا البلد كل يوم، وكأن هؤلاء الناس الذين يقتلون في أرض اليمن أشبه بقطعان الأبقار أو الخرفان، إن صح التعبير، التي تساق إلى المسالخ، وليسوا بشرا و(مسلمين) في الوقت نفسه!.

أنفس بريئة تقتل، وقاتلوها أحياء يرزقون، وأمراء الحروب يلتقون في الطرقات وفي الأسواق وفي المقاهي وربما في مجالس القات (يتعانقون) وفي ما بعد يتفقون ويتعاهدون، وسرعان ما يتناسون تلك المواثيق والعهود (استراحة محارب!) لا معنى لها، وعندما يحين وقت القتال فإنهم يتقاتلون، وربما ﻻ يدرون لماذا يتحاربون ويقتلون بعضهم بعضا، كل أعمالهم بالوكالة.

أمور لم تعد مفهومة لكل الناس في هذا البلد، أين الإسلام من هذا الوضع الذي نعيشه؟ أين نحن من ديننا الحنيف؟ هناك مجال للسلم كما للحرب، لكن يبدو أن هناك انعداما للضمير وعدم وجود للوازع الديني لدى هؤلاء البشر، فلا مجال للسلم عندهم بعد ذلك، وصدق الله الذي وصف الإنسان (بالظلم والجهل).

الكل يعتبر نفسه على حق، والبعض يحملها غيره، لكننا يجب أن ندرك أن هناك حسابا في اﻵخرة، ولن يشاركك أحد في عملك، كان خيرا أو شرا، مهما تلقيت من أوامر أو فتاوى تبرر لك عملك الإجرامي في الدنيا، ففي النهاية لا بد من الحساب.

البلد تحمل أعباء كبيرة وكثيرة، ربما لم يتحملها بلد آخر في هذا العالم، والسبب القائمون على شؤونه، وهؤلاء القائمون على شؤون البلاد والعباد تعودوا على النهب وتعودوا على الشحت من الدول الخارجية، وخاصة من دول الخليج، وتعودوا على الهيمنة والتعالي على الناس من مئات السنين، ما سبب تدهور الاقتصاد وبالتالي الإدارة كلها.

الاقتصاد مهزوز، إن لم يكن معدوما، والأمن حدث ولا حرج، كل شيء معطل في هذه البلاد، ولا داعي لأن أشرح كل شيء، الكل يعرف أسباب تدهور البلاد، والسؤال هنا: ما العمل؟ ولماذا تتفرج علينا الأمم ولم تساعدنا؟ وخاصة أشقاءنا العرب، نحن في هذه الحالة لا نريد مساعدات عينية مؤقتة من تلك التي تعود عليها المسئولون اليمنيون، ولا مبادرات وحدوية لا تفيد ولا تنفع، فقد جربنا ذلك من قبل وقد أثبتت تلك المبادرات عدم جدواها، كل ما نريده هو الترتيب مع أشقائنا العرب والأمم المتحدة لفك الارتباط بين الشمال والجنوب، وبعدها سينتهي الخوف وسينتهي الإرهاب وسيتم تأمين جنوب شبه الجزيرة العربية بكل ممراتها وموانئها، وسينتهي التآمر بكل أشكاله، وللعلم هذا سيحصل آجلا أم عاجلا، فلماذا لا يحصل اﻵن؟.

الوضع لم يعد يحتمل أكثر مما هو عليه، والناس تعبت وسئمت الوعود الكاذبة، وليس أمامنا سوى أن كل طير يرجع إلى عشه (إلى بلده) والوقت حان اﻵن قبل أن تفلت الأمور من أيدينا، وفي ما بعد لن نستطيع السيطرة عليها، خاصة من الجانب الجنوبي.

أثبتت الأيام أن الأخوة في الشمال لا يريدون الصلاح لبلدهم ولشعبهم، وعلى ما يبدو فإنهم سيعيشون في صراعات مدى حياتهم، والدليل واضح مما يجري على الساحة في الشمال اليوم، وكل ما حصل بالأمس، وربما يحاولون تعميم ما يجري في الشمال على الجنوب نتيجة لضعف السلطة من جهة والتباينات بين الجنوبيين من جهة أخرى. وقد زرعوا ما يكفي في الجنوب من التناحرات كالقاعدة المصطنعة والثأرات القبلية.

كل ما يجري اليوم في الشمال ما هو إلا بداية الشرارة الأولى، وسنرى في المستقبل صراعات وحروبا لن تنتهي، هكذا جرت العادة في الشمال، وستتأكد صحة كلامنا هذا، لاتستعجلوا ولا تصدروا الأحكام في بداياتها، فربما ينقلب السحر على الساحر، من يدري؟!.

الدولة فاشلة، ولم تعد دولة حتى بالاسم، كل مؤسساتها السيادية منهارة وزد على ذلك اليوم كثرة المؤمرات ضد ما تبقى من جسم هذه الدولة، لقد كثر الجزارون ضدها منذ زمن بعيد ولم يعد يوجد لحم ولا عظم بهذه الدولة، لذلك ليس أمام المجتمع الدولي والإقليمي اليوم إلا مساعدة اليمنين، وذلك عن طريق عودة دولة الجنوب بنهج حديث وأسس جديدة لا ظالم ولا مظلوم فيها، بمساعدة دولية وإقليمية، على أن يكون ذلك في وقت قصير حتى لا تتفاقم الأمور، وترسيخ نظام جديد في الشمال وبناء إدارة حديثة تختلف عن الماضي.

طبعا نحن كجنوبيين نتمنى الخير لأبناء الشمال، وسنظل (جيران) نحترم بعضنا، لكن بالنسبة للوحدة فقد تجاوزناها، ولم يعد فيها خير، وقد خانها من يدعون أنهم صانعوها، لذلك لا داعي للغرور والأماني والتمسك بوحدة منتهية الصلاحية.

إن تم هذا، وإلا ربما يتم التدخل في اليمن من قبل دول خارجية، ويتم بعد ذلك نهب الثروات من جديد لعشرين سنة أخرى أو أكثر، لكننا نعتقد أن الأخوة في الشمال قد فهموا اللعبة، وهل ياترى نحن الجوبيين فهمناها أم أننا بحاجة لمن يفهمنا إياها؟!.

الخارطة ستتغير في كل شيء، حسب رغبة الضيف الجديد، والمشكلة أن هناك فرقا كبيرا ومسافة شاسعة بيننا، لا نستطيع تقبل الإملاءات، كانت فكرية أم سياسية من هذا الضيف، لذلك خير لنا أن نكون (جيران) مثلما كنا سابقا، ونحترم بعضنا. والمثل يقول “ابعد من صاحبك يحبك”!.