fbpx
” تقرير ” مصنع اسمنت الشركة الوطنية التابع لمتنفذ يمني يتسبب بكارثة بيئية وتشوهات في المواليد
شارك الخبر
” تقرير ” مصنع اسمنت الشركة الوطنية التابع لمتنفذ يمني يتسبب بكارثة بيئية وتشوهات في المواليد

يافع نيوز / إعداد/ رائد الجحافي

اثارت ولادة طفل مشوه يوم امس الاول في مستشفى مديرية المسيمير بمحافظة لحج استياء وتذمر الاهالي خصوصاً بعد تكرار حدوث مثل هذه الحالات التي ظهرت في السنوات الخمس الاخيرة بعد اقامة مصنع للاسمنت في المنطقة تابع لشركات هائل سعيد انعم اليمنية التي تتبع نافذين في السلطة اليمنية.

حيث تأسست الشركة الوطنية للإسمنت بين عامي 2006 و2008م  وبني مصنع الشركة الوطنية للأسمنت – وكذا مكاتبها الإدارية – في وادي صاعم بمديرية المسيمير محافظة لحج على بعد 70  كم شمال العاصمة عدن، وهو عبارة عن شركة تابعة لشركات هائل سعيد انعم وشركاؤه وتشير بعض المعلومات الى اشتراك شخصيات كبيرة في السلطة اليمنية في ذلك المصنع.

وقد اقيم المصنع على مساحات واسعة على طول الجبال الممتدة من شمال منطقة العند حتى المسيمير وجنوب مدينة الملاح.10698540_847326835300372_1208643672604600456_n

تعتمد الشركة في تصنيع وإنتاج الاسمنت على الحجر الجيري المستخرج من محاجرها الواقعة  ضمن محيط موقعها ويتم جلب المواد المضافة ( الطين والجبس والحديد والبوزلانا) من مواقع خارجية في محافظات ( لحج وشبوة ).

تعتمد الشركة في توليد الطاقة الحرارية اللازمة لتشغيل الفرن الحراري لإنتاج مادة الكلنكر ( المادة الأولية لإنتاج الاسمنت التام ) على الفحم الحجري, وكذلك تتم عملية توليد الطاقة بالفحم الحجري.

وعند بناء المصنع احتج الاهالي خصوصا سكان المناطق القريبة من المصنع لكن لم يأخذ باحتجاجاتهم وجرى تجاهلهم وعقب تشغيل المصنع بسنتين تقريباً برزت الاضرار الناجمة عن تشغيل المصنع وتأثيرها الكبير على الاهالي الذين خرجوا للاحتجاج ضد المصنع الذي لم يلتزم بأدنى المعايير البيئية لكن جرى تجاهل احتجاجاتهم واستغلت ادارة الشركة نفوذها في السلطة اليمنية وأموالها.

ومع مضي الوقت وتساقط الامطار التي جرفت مخلفات المصنع تضررت اراضي المزارعين في المسيمير والمناطق المجاورة لها في حين ظهرت الكثير من الامراض التي تفشت بين الأهالي لاحظ السكان تقلص ثرواتهم الحيوانية التي اصيبت بإمراض غريبة تتمثل بخروج الدم من انوفها ومن ثم مفارقة الحياة وكذلك نفوق المراعي وتقلص مساحات الرعي التي اعتراها التصحر بالإضافة الى نفوق كافة خلايا النحل، وبدأت حالات الاجهاض بالتزايد لدى الامهات الحوامل بصورة مخيفة مصحوبة بتشوه الاجنة.

اليوم هناك في مناطق المسيمير يموت الاطفال في وقت مبكر قبل الولادة في بطون امهاتهم وتظهر عليهم تشوهات خلقية، هذا في حسن تزايدت نسبة المصابون بأمراض السرطانات وبعض الامراض الاخرى اقلها الامراض الجلدية لتتحول اكثر من اربعين منطقة وقرية يسكنها حوالي 26 الف نسمة مهددة بكارثة كبيرة جراء تفاقم التلوث البيئي فيها.

وعلى الرغم من الاحتجاجات المستمرة وعشرات الشكاوى التي قدمها الاهالي الى السلطات والمناشدات التي يطلقونها الى المنضمات الحقوقية لكن دون جدوى.

وتؤكد تقارير بيئية تفاقم المشاكل البيئية والصحية في المنطقة بعد استخدام المصنع للفحم الحجري كوقود له منذ عدة سنوات.

نضرة عامة في الاضرار الناتجة عن مصانع الاسمنت:

تنتشر من معامل الأسمنت الملوثات الغازية كأكاسيد النتروجين والكبريت وثاني أكسيد الكربون وأول أكسيد الكربون بالإضافة إلى الدقائق المحمولة مع غازات الاحتراق على شكل غبار ذو أقطار صغيرة وهذه الغازات تسبب تلوث كبير للبيئة المحيطة بالإضافة إلى الزئبق والكادميوم , ويعتبر ثاني أكسيد الكربون وأول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد  النتروجين والغبار من الملوثات الرئيسية التي تسبب التلوث للبيئة المحيطة والواجب معالجتها والتخلص منها , ويستخدم في أغلب مصانع الأسمنت النفط الأسود كوقود والذي يعد من أثقل أنواع الوقود لمحتواه الكبريتي العالي.

ينتج عن صناعة الاسمنت أمراض خطيرة لما يحويه من تراكيب مثل الكربون والهيدروجين والجزئيات العالقة والفسفور والأتربة والدخان والضباب والأبخرة وغيرها وهذه العناصر تشكل سببا مباشرا لانتشار العديد من الأمراض إذا لم تعالج، وأهمها التأثير على الجهاز العصبي والجهاز التنفسي وصعوبة التنفس والتأثير على الأغشية المخاطية والتهاب القصبات وتهيج البلعوم، والتأثير المباشر على الجملة العصبية، حيث ثبت من الدراسات انه يؤدي إلى نوع من خمول في القدرة على التفكير، وتهيج ملتحمة العين وانعدام الرؤية وأمراض الرئة كالربو والسل، وآلام في الصدر والتهاب القصبات الهوائية، وفقدان حاسة التذوق والشم، والتصلب الرئوي وأمراض الجلد وتورمات خبيثة في أنسجة الرئتين وأمراض الحساسية والإصابة بالسرطان وتشوه الأجنة .

 كما تطرح معامل الأسمنت ملوثات مائية متمثلة بالمواد الصلبة الذائبة الكلية والمواد الصلبة العالقة والمعادن الثقيلة بالإضافة إلى المخلفات الصلبة وأهمها أتربة الأفران والمواد الخام والكلنكر.

المـلـوثـات الناجمة عن معـامـل الأسـمـنت :-

عملية نقل الفحم الحجري من عدن الى مصنع الاسمنت بالمسيمير

عملية نقل الفحم الحجري من عدن الى مصنع الاسمنت بالمسيمير

يمكن تقسيم الملوثات الناجمة عن صناعة الاسمنت إلى مجموعتين رئيسية هما:-

أولا- الملوثات الصلبة ( الغبار  DUST):

يعد الغبار من أهم الملوثات التي تسببها معامل الأسمنت وهي ذات أقطار من 20 وحتى 100 ميكرون كما تتضمن الجسيمات ذات الأقطار الأصغر من 10 ميكرون ويرمز لها بالرمز PM10 يتشكل الغبار الأسمنتي من طحن وتداول المواد الخام وتشغيل الفرن وتبريد الكلنكر وطحن وتداول وتعبئة المنتجات وفي مختلف عمليات تشكيل الأسمنت وبالأخص في مرحلة طحن المواد  في الطريقة الجافة وفي فرن تشكيل الكلنكر , يتم تشكيل 0.3 كغم وسطيا من الغبار خلال مراحل تشكيل 1 طن أسمنت حسب المقاييس الأوربية وتقدر كمية الدقائق المحمولة مع الغازات المنبعثة من افرازات معامل الاسمنت بحدود 10-20% من كمية تغذية الفرن والتركيز المسموح به 50 – 100 ملغ/ المتر المكعب من الغازات المنبعثة من المداخن لكن الكميات الحقيقة المنبعثة من الغبار أكبر من التراكيز النظرية ويتبع ذلك لسوء عملية الإنتاج وسوء التخزين والكميات المهدورة من الأسمنت

تظهر الغازات المنبعثة من مداخن معامل الأسمنت على شكل سحب بيضاء كثيفة ويعد الغبار العنصر الرئيسي المسبب لهذه السحب تحوي هذه الأتربة الشديدة النعومة على الكلوريدات والكبريتات والقلويات والجير الحي وهي تشكل خطورة من الناحية الصحية والبيئية ، وتسمى هذه النواتج عن صناعة الاسمنت (BY PASS) التي تسبب تدهورا صحيا وبيئيا خطيرا نتيجة لما تسببه من تلوث في الهواء داخل مصانع الاسمنت وخارج البيئة المحيطة بالمصنع، حيث تعد الأتربة الناجمة عن صناعة الاسمنت، والتي يطلق عليها أتربة (الباي باص) من أخطر مصادر تلوث البيئة، وبسبب دقة حبيبات هذه الاغبرة فإن أقل قدر من الهواء يمكن أن يحمله بسهولة، وينشره على مساحات واسعة من المناطق المحيطة بمصانع الاسمنت وعندما يستنشقه الناس يؤدي إلى أمراض الجهاز التنفسي والرئة، وهو السبب الذي يجعل كثيرا من الدول المتقدمة تترك هذه الصناعة للدول النامية، وذلك للمحافظة على بيئتها نظيفة، كما أن تراب الاسمنت يمكن أن يلوث مياه الشرب عن طريق انتشار وتسرب الغبار إلى البحار والأنهار والمجاري المائية، وأصبحت هذه الأغبرة مشكلة بيئية خطيرة تكلف بعض الدول التي تقوم بدفنه مئات الملايين من الدولارات سنويا وتراب الاسمنت ليس اسمنتا، ولا عنصرا يمكن أن يستخدم عبر إعادة التدوير لصناعة الاسمنت مرة أخري وخاصة إذا علمنا أنه يحتوي على كميات كبيرة من القلويات والكبريت والكلوريدات التي تطلقها مصانع الأسمنت حيث يحتوي هذا التراب على أكسيد الكالسيوم وأكسيد الألومونيوم وأكسيد البوتاسيوم، كما يحتوي هذا التراب على مواد قلوية واكاسيد أخرى مختلفة.

ثانيا- الملوثات الغازية:-

تنتج الغازات عن عمليات التفجير في المقالع وأكثرها عن عمليات احتراق الوقود في الأفران ويستخدم في صناعة الاسمنت الوقود السائل والغاز الطبيعي وفي بعض الشركات الأوربية يستخدم الوقود الصلب(الفحم الحجري) ومن أهم الغازات الناتجة عن احتراق هذه الأنواع من الوقود هي:-

1-     ثـانـي أكسـيـد الـكـربـون (CO2):

يعد هذا الغاز المسئول الأول عن الاحتباس الحراري الذي يعرف كما يلي : الارتفاع التدريجي في درجة حرارة الطبقة السفلى القريبة من سطح الأرض من الغلاف الجوي المحيط بالأرض.

إن غازات الاحتباس الحراري(GHG)   هي:

1 – بخار الماء

2- ثاني أكسيد الكربون CO2

3- أكسيد النتروزN2O

   4- الميثان CH4

  5- الأوزون O3

6- الكلوروفلوركاربون CFCs

يشكل غاز ثاني أكسيد الكربون القسم الأكبر منها لذلك يعد المسبب الرئيسي لظاهرة الاحتباس الحراري. 

يوجد غاز ثاني أكسيد الكربون طبيعيا في الغلاف الجوي حيث يشكل 0.03% من الغلاف الجوي في الحالة الطبيعية وهو يملك قدرة على الاحتفاظ بمقدار من حرارة أشعة الشمس المنعكسة عن سطح الأرض قبل تشتتها في الفضاء الخارجي مما يؤدي إلى الحفاظ على درجة الحرارة الوسطية للأرض 15 درجة مئوية ولولا وجود هذا الغاز لكانت درجة حرارة الأرض الوسطية 18 درجة مئوية تحت الصفر.

إذا فهذا الغاز ضروري لبقاء الحياة على وجه الأرض لكن ونتيجة النشاطات الإنسانية المتزايدة وخاصة الصناعية منها أصبحنا نلاحظ الآن زيادة الغازات الدفيئة وبالأخص ثاني أكسيد الكربون لدرجة أصبح مقدارها يفوق ما يحتاجه الغلاف الجوي للحفاظ على درجة حرارة سطح الأرض ثابتة وعند مقدار معين. فوجود كميات إضافية من الغازات الدفيئة وتراكم وجودها في الغلاف الجوي يؤدي إلى الاحتفاظ بكمية أكبر من الطاقة الحرارية في الغلاف الجوي وبالتالي تبدأ درجة حرارة سطح الأرض بالارتفاع.

يحتوي الجو حاليا على 380 جزء من المليون من غاز ثاني أكسيد الكربون مقارنة ب الـ 275 جزء من المليون التي كانت موجودة قبل الثورة الصناعية وقد قدرت كمية ثاني أكسيد الكربون المنبعثة إلى الغلاف الجوي نحو 7.9 مليارات طن عام 2005 وحده كما أن تركيز الميثان ازداد إلى الضعف عما كان عليه قبل الثورة الصناعية والكلوروفلوركربون يزداد بمقدار 4% سنويا وأكسيد النتروز أصبح أعلى بحوالي 18% من مقدار تركيزه قبل الثورة الصناعية .

إن استمرار انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون وغازات الدفيئة كما هو عليه حاليا يهدد وجود هذا الكوكب إذا ما تم تخفيض نسبة انبعاث هذا الغاز إلى الجو , يتشكل هذا الغاز بشكل رئيسي من حرق الوقود الأحفوري المستخدم في كافة الصناعات ووسائل النقل , وحاليا تشير جميع التوجهات البيئية إلى ضرورة الحد من انبعاثات هذا الغاز مما دعا الحاجة إلى البحث عن طاقات متجددة و نظيفة تحد من كمية ثاني أكسيد الكربون المنبعث إلى الغلاف الجوي والذي إذا استمر يؤدي إلى رفع درجة حرارة الأرض وذوبان كميات كبيرة من الجليد في المناطق المتجمدة وارتفاع في منسوب سطح البحر الذي يهدد أكثر من 70 مدينة ساحلية حول العالم في الوقت الراهن بالاضافه إلى ظواهر طبيعية مدمره التي بدأت تظهر خيوطها في جميع أنحاء العالم .

 وتقدر نسبة انبعاثات CO2 من إجمالي معامل الأسمنت حول العالم بـ 5% من مجمل أنبعاثات هذا الغاز إلى الغلاف الجوي , ينتج هذا الغاز في معامل الأسمنت بشكل رئيسي عن حرق الوقود لتوليد الطاقة الكهربائية اللازمة للمعمل و في أفران تشكيل الكلينكر أيضا في عملية تكليس الحجر الجيري وتحويله إلى جير في الفرن , و يتحرر حوالي 917 kg ثاني أكسيد الكربون من إنتاج 1 طن أسمنت حسب المقاييس الأوربية.

2- أكـاسيـد الـكـبـريـت (SOx):

في معامل الأسمنت يعد أكسيد الكبريت الرئيسي المنتج هو SO2 ولكن عادة يرمز لأكاسيد الكبريت بـ SOx التي يمكن أن يكون أكسيد أحادي, ثنائي أو ثلاثي .

SO2 غاز عديم اللون وذو رائحة واخزة كما أن SO2 من المسببات الرئيسية للمطر الحمضي الذي يؤدي إلى التهديم التدريجي للأنظمة البيئية كذلك مسؤول عن تضرر الأبنية المصنوعة من الفولاذ والحجر الطبيعي والأبنية   حيث أن SO2 المنطلق يبقى في الجو لفترة 4 إلى 25 يوم وخلال هذا الزمن يتأكسد إلى حمض الكبريت وعندئذ يعود إلى الأرض على شكل مطر حامضي.

وأكاسيد الكبريت من المسببات الرئيسية للضباب ألدخاني الذي يخيم على المناطق القريبة من مصانع الأسمنت بالأضافه إلى تأثير أكاسيد الكبريت على الإنسان والحيوان والنبات حيث يؤثر على الجهاز التنفسي ويعمل على التخريش الشديد للأغشية المخاطية والتهاب القصبات والتراكيز المرتفعة تسبب الاختناق وهي أيضا من مسببات أمراض الربو والتأثير على الأطفال يكون اكبر من تأثيره على البالغين.

وقد حددت كمية اكاسيد الكبريت المسموح انطلاقها من معامل الأسمنت في ألمانيا 400 ميلي غرام/ م3 ويأخذ بهذا المعيار كثير من الدول الأوربية ودول العالم .

إن أكاسيد الكبريت لا تنطلق من عملية إنتاج الكلينكر إلا إذا وجد الكبريت في تركيب كل من المواد الخام والوقود , غالبا ما يستخدم في معامل الاسمنت النفط الأسود كوقود للأفران ويعتبر من أثقل أنواع الوقود لمحتواه الكبريتي العالي   . وتقدر كمية SO2 الوسطية المنطلقة من معامل الأسمنت حوالي 1.3 كغم لكل إنتاج 1 طن أسمنت.

إذا تعود كمية أكاسيد الكبريت المنبعثة من مصانع الأسمنت بشكل رئيسي إلى نوع الوقود المستخدم في إنتاج الحرارة و الطاقة اللازمة للتشغيل بالإضافة إلى كمية الكبريتات الموجودة في مواد الخام والطريقة الإنتاجية المتبعة لإنتاج الكلينكر ونوعية المطاحن .

3- غـاز أول أكسـيـد الـكـربـون (CO):

أول أكسيد الكربون غاز عديم اللون والرائحة وهذا الغاز من الغازات السامة حيث يتحد هذا الغاز مع هيموغلبين الكريات الحمر بشكل أكبر من الأكسجين ويسبب الاختناق في حال التراكيز العالية في الهواء وفي التراكيز المنخفضة يسبب ضعف التركيز وتوتر الأعصاب وما ينتج عنه من أمراض القلب والصدر ولا يمكن للكريات الحمر التخلص منه إلا في حال وضع كمامة أوكسجين بتركيز مرتفع للمصاب باستنشاق غاز CO بكميات كبيرة , ويعتبر خطيرا على العاملين في مصانع الأسمنت بشكل خاص في حال ازدياد انبعاث هذا الغاز فوق الحدود المسموحة.

ومن الناحية البيئية فأن غاز CO من غازات الاحتباس الحراري وهو ذو تأثير يفوق تأثير CO2 بهذا الخصوص إلا إن كمية انبعاث CO2 تفوق كمية انبعاث CO بملايين المرات لذلك لا يشكل خطرا حقيقيا على الغلاف الجوي

كما يسبب غاز CO ظاهرة القوس الكهربائية في الفلاتر الكهربائية(المرسبات الكهروستاتيكية) في معامل الأسمنت إذا زاد تركيزها في الغازات المنبعثة فيسبب انفجار الفلاتر وخروجها من الخدمة لذلك من الضروري أخذ الإجراءات المناسبة للحد من انبعاث CO من أفران تشكيل الكلنكر  .

ينتج غاز أول أكسيد الكربون من معامل الاسمنت من الحرق الغير كامل للوقود في الفرن بشكل رئيسي وهذا دليل على وجود خلل ما في عملية الاحتراق إذا ما زاد تركيزه في مدخنة الغازات المطروحة ويكون السبب في التهوية الغير الكافية لفرن تشكيل الكلنكر أو خلل ما في أنظمة الأفران الحديثة التي تعمل بالمراحل وينبعث وسطيا 2.2 كغ من أنتاج 1 طن أسمنت.

4- اكـاسيـد الـنيتـروجـيـن (NOx):

NO و NO2لهما رائحة غير مستحبة , تنتج اكاسيد النتروجين  من حرق الوقود وأكسدة ذرات النتروجين المتواجدة في الوقود وقد تحتوي المواد الخام على ذرات النتروجين ينتج عنها اكاسيد النتروجين كما أن الغلاف الجوي يحوي على 78% من تركيبه على النتروجين في الحالة الطبيعية الذي يتحول إلى اكاسيد النتروجين في درجات الحرارة العالية وبتوافر الأكسجين وهذا محقق في أفران تشكيل الكلنكر , فإذا تعود كمية اكاسيد النتروجين المنبعثة من مصانع الأسمنت الى كمية النتروجين في كل من الوقود والمادة الخام والهواء . وأكاسيد النتروجين في الهواء بوجود بخار الماء تشكل حمضا قويا هو حمض النتريك وهو يسبب الإمطار الحمضية كما هو الحال لحمض الكبريت المتشكل من اكاسيد الكبريت .

والجدير بالذكر ان الغاز الطبيعي يولد نصف كمية اكاسيد النتروجين المنبعثة من استخدام الوقود السائل او الفحم نظرا للاحتواء النتروجيني العالي للوقود السائل والفحم بالنسبة للغاز الطبيعي وينتح وسطيا 3 كغم اكاسيد  نتروجين من إنتاج 1 طن اسمنت وتحدد تراكيز أكاسيد النتروجين السموح انبعاثها في أوربا حولي 200 – 500 ملغ / المتر المكعب من الغاز المطروح .

إن أكاسيد النتروجين بالتراكيز العالية (1 جزء من المليون) ولفترات طويلة تعيق النمو عند النباتات وتقلل من انتاجه الثمري اما تأثيرها على الإنسان فيتبع لتركيزها في الهواء حيث تسبب الحساسية في التراكيز المنخفضة اما التراكيز المرتفعة فلها تأثيرا ناخرا للخلايا الحية كما ان ثاني اكسيد النتروجين وعند دخوله الغشاء المخاطي يتحول الى حمض النتروجين الذي يفتك بدأ من الأنف حتى الرئة كما يمكن أن يدمر الأغشية تحت الغشاء المخاطي والشعيرات الدموية المغذية لها وتلعب دوراً هاماً في تشكيل الضباب ألدخاني الذي يخيم على الهواء المحيط بمناطق صناعة الأسمنت والذي ينجم عن تفاعل الملوثات الأولية وخاصة أكاسيد النيتروجين مع الأوكسجين بوجود الهيدروكربونات تحت تأثير الأشعة فوق البنفسجية, وتتكوّن نتيجة هذه التفاعلات الكيمياضوئية مجموعة من الملوثات الأولية , وهذه المركبات أصبحت معروفة بتأثيراتها الصحية بالغة السوء إذ تسبب احتقان الأغشية المخاطية للجهاز التنفسي, وتهيِّج العيون, والرَّبو والتهاب القصبات, والسعال…. وغيرها ,كما تؤثر هذه المركبات على مواد البناء والأبنية التاريخية الحساسة.

كما أن أكاسيد النتروجين مع الهيدروكربونات وبوجود أشعة الشمس تشكل مركبات الكلوروفلوروكربون وهو غاز شديد التفاعل مع طبقة الأوزون فيؤدي إلى تدميرها محولا الأوزون إلى أكسجين وهو أحد مركبات الضباب الدخاني  .

يقول الدكتور.أيوب أبودية “أن تركيز العناصر المشعة في الفحم الحجري يكون في العادة قليلاً، ولكن ما يلبث تركيز العناصر المشعة ما يلبث أن يزداد باضطراد بعد احتراق الفحم الحجري لتغدو تراكيز العناصر المشعة في الرماد الناجم عن الاحتراق أكثر بعشر مرات التركيز الأصلي، حيث إن الرماد يشكل نحو عشرة بالمائة من كتلة الفحم.

وتنتشر العناصر المشعة في الطبيعة حول المصنع الذي يحرق الفحم الحجري لمسافة بضع كيلومترات، وقد أثبتت ذلك دراسة نشرت في مجلة Science الشهيرة، كذلك قارنت الدراسة بين شدة تعرض الناس للإشعاعات المؤينة حول مواقع إحراق الفحم الحجري لمسافة تصل إلى 1.6 كيلومتر في مقابل الإشعاعات المؤينة الناجمة عن المفاعلات النووية في الأحوال الاعتيادية ومن دون حدوث أي كوارث نووية، وكانت النتيجة أن شدة الضرر متماثلة بين الحالتين، الأمر الذي يلفت الانتباه إلى أضرار استخدام الفحم الحجري على البيئة القريبة من المصانع التي تحرق الفحم الحجري.

 ويحتوي الفحم الحجري بطبيعته على عناصر مشعة مثل اليورانيوم والثوريوم والراديوم Ra والرادون Rn، فضلاً عن مواد عالية السمية من عناصر كيميائية كالزرنيخ والزئبق والسيلنيوم Selenium.

 ويصل معدل تراكيز اليورانيوم في الفحم إلى نحو 20 جزء بالمليون في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي نسبة متدنية، ولكن عندما يبقى الرماد بعد الاحتراق ويتراكم فإننا نتحدث عن عشرة أضعاف التركيز من العناصر المشعة.

 ومما يجدر ذكره أن الرماد الناجم عن احتراق الفحم الحجري في موقع صناعي في جمهورية الصين الشعبية قد وجد أنه يحتوي على 160 جزء بالمليون من أكسيد اليورانيوم، وقد شرعت شركة أمريكية Sparton Resources في استخلاص الكعكة الصفراء من مخلفات احتراق الفحم الحجري؛ وهذا التركيز لأكسيد اليورانيوم كان تجاريا قبل حادثة فوكوشيما، ويفوق بكثير تركيزات اليورانيوم في الصخور الكلسية الأردنية، على سبيل المثال، بل ويفوق تراكيز اليورانيوم في بعض خامات الفوسفات أيضاً.

وتزداد خطورة رماد الفحم الحجري المتطاير بذوبانه في الماء وجعل المياه حمضية، وبالتالي فإنها تصبح أكثر ملاءمة لذوبان العناصر المشعة فيها وإدخالها في سلسلة الغذاء لمسافات بعيدة وعميقة تحت الأرض”.

 ويتسبب نقل الفحم بواسطة شاحنات مغطاة يصدر غازات نشطة كون المادة الأولية له مادة كيميائية نشطة باستمرار ولا ينتهي نشاطها حتى بعد حرقها كما لا تستقر مكوناته كيميائيا ويتزاحم على درجة خطورتها العالية سموم مثل الزئبق والزرنيخ والرصاص والكبريت والكاديوم والسيزوم والكربون والنحاس وغيرها من المواد السامة.

ويتسبب الزئبق بأمراض الجهاز التنفسي والرئتين عند استنشاقه حتى لو لفترات قصيرة ومتقطعة كما يسبب اضطرابات مستديمة بمراكز الجهاز العصبي، وكذلك اضطرابات وحساسية بالمسالك التنفسية والبولية، وتشوهات الأجنة، كما انه سبب رئيسي في الفشل الكلوي.

كما يتسبب الزرنيخ في العقم لدى الرجال ونقصان الخصوبة لدى النساء وتلف المثانة والأمعاء ويعطب العقد العصبية في الجهاز العصبي وسرطان الكبد والرئتين والبروستات.

اجمالاً تعد عملية طحن الفحم من أكثر العمليات خطورة على البيئة والإنسان كونها من أكثر المراحل حساسية نظرا لتأثيره الكبير على العاملين، ويعود هذا الخطر إلى عدم إمكانية أجرائه في أوساط أو ساحات مغلقة نظرا لارتفاع الحرارة ولتصاعد الغازات سريعة الانفجار والاحتراق.

كما أن الغازات المتصاعدة عنه تصعب السيطرة على مخرجاتها وأبخرتها المتصاعدة من فوهات الأفران كونها تجري تحت درجات عالية جدا، لأن لها تأثيرات بالغة الخطورة على صحة الإنسان بالدرجة الأولى وعلى البيئة بجميع جوانبها منها الأحياء البرية والمنزلية والممتلكات والمنشآت المجاورة بسبب طبيعة الحرارة والغازات المتصاعدة منه.

في حين أن الغبار المتطاير الناجم عن الفحم سواء أثناء نقله إلى المصنع بالناقلات التي تنفث غباره على الطرق وتخزينه بالمستودعات ستستقر على أسطح المنازل وأجسام البشر وعند سقوط الأمطار ستتسرب إلى المياه السطحية والجوفية ما يجعلها غير صالحة للاستخدام.

الفحم الحجري محرم دولياً:

وصفت معاهدة كيوتو الفحم الحجري بالمصدر الأكبر لغاز أكسيد الكربون الخطر على سلامة كوكب الأرض برمته، وأوصت بتشريع قانون يلزم الدول الموقعة على المعاهدة أن يكون عام 2009م هو نهاية استخدامه بالصناعة وقطاع توليد الطاقة على أن يستبدل بمصادر طاقة رفيقة بالبيئة.

وألزمت المعاهدة الدول الموقعة، بوقف استخدام هذا الوقود وذلك التزاما بضبط انبعاثات الكربون وتفرض على الموقعين البحث عن مصادر طاقة بديلة.

المصادر/

http://www.startimes.com/?t=10105245

http://www.un.org/ar/climatechange/the-un-climate-change-convention-and-the-kyoto-protocol.shtml

http://www.alrai.com/article/545593.html

د.أيوب أبودية – العناصر المشعة في الفحم الحجري – جريدة الراي الاردنية – تاريخ النشر: الثلاثاء 16-10-2012م

أخبار ذات صله