fbpx
من يرحل ..؟

عندما سقطت الفرقة الأولى مدرع بيد الحوثيين ومعها سقطت آخر عناصر القوة التي كان يمتلكها الاخوان المسلمين في صنعاء ، قام المخلوع علي صالح بوضع صورة شخصية له على صفحته في الفيسبوك يظهر فيها باسماً ومنتشياً بما حصل لخصومه ، يظهر في الصورة وكأنه يقول مخاطباً الكل (من يضحك أخيراً يضحك كثيراً) .

في (2011) قالوا له سترحل من اليمن ، وعندما رأى المخلوع صالح أن الاخوان المسلمين بقيادة علي محسن وبيت الأحمر كانوا كالعاصفة التي لا يمكنه الوقوف أمامها نظراً لقوتهم ووقوف قطاع كبير من الشعب معهم آنذاك تحت مسمى (ثورة التغيير) ، لم يرد على دعواتهم بتعصب يدفعه نحو خيار اللجوء إلى حرب سيخسر فيها كل شيء ،وانما جسد المثل القائل (لا تكن صلباً فتكسر ولا ليناً فتعصر) وتعامل مع الأمر الواقع بمرونة وانحناءة ذكية لتلك العاصفة جنبته دخول دهاليز المحاكم وتجميد الأموال .

دخل في اتفاقية وقع فيها على تنازله عن الحكم ، وبما يضمن له مكانته المشرفة مدعومة بحصانة تقيه شر الملاحقة القضائية وتجميد الأموال ، وهو نصر يُحسب لحسن ادارته للصراع مع خصومه ، ومدخراً في ذات الوقت لنفسه قوة ليوم ينتقم فيه ممن انقلب عليه ، وكان يُدرك أنه سيأتي ، وها هو قد أتى وبغطاء حوثي كان له الفضل الأكبر في تهيئة الأجواء له ودعمه بالعناصر الموالية له من قادة عسكريين ومشائخ وحتى بمؤيديه من الشعب .

نصراً آخر حققه المخلوع في اتفاقية التنازل عن الحكم ، حيث أن تنازله عن الحكم كان كشخص واسرة فقط ، بينما ضمن لحزبه في بنود اتفاقية التنازل شريكاً في النظام والحكومة بما مكنه من بقاء قيادات عسكرية ومدنية تدين بالولاء له شخصياً في مواقعها العسكرية والادارية ، مع احتفاظه بجزء من الجيش يخضع له شخصياً وبشكل رسمي لم تعترض عليه حتى الدولة ممثلاً بمعسكر “ريمة حميد” الضخم في سنحان ، والذي قام بنقل جزء كبير من عتاد ومعدات ألوية الحرس الجمهوري اليه ، ناهيك عن احتفاظه بقوام اكثر من سبعمائة جندي كحراسة شخصية له تدفع الدولة مرتباتهم وكل امتيازاتهم .

اليوم من قال له في (2011) ارحل ، لا يجد لنفسه موطئ قدم في اليمن ، بينما يعيش المخلوع حياة الملوك في اليمن محاطاً بالأتباع والأنصار ومحفوفاً بثروة مالية تمكنه من لعب أدوار أكبر بكثير من تلك الأدوار التي لعبها “حميد الأحمر” في سنوات مجده السياسي .

هذا المقال ليس من قبيل كيل المديح للمخلوع علي صالح عن طريق اظهار ذكائه في التعامل مع اعدائه ، وانما هو عرض لما آل إليه صراع أقطاب الحكم والنفوذ في صنعاء ، واخذ العبرة والدروس من ذلك في أن النصر لا يكون عندما تقطف أولى ثماره وإنما يتجسد النصر الحقيقي عندما تتحقق أهدافه كاملة وتقطف كل ثماره ، ولا تُبقي على حجرة صغيرة امامك قد تكون في قابل الأيام صخرة تُعرقل طريقك .