fbpx
حلول مبتكرة لعقدة المفاوضات مع الحوثيين!…بقلم :ناصر يحيى
شارك الخبر

الأخبار المتداولة عن طبيعة ما يجري في المفاوضات بين الدولة وجماعة الحوثيين؛ التي لا تستقر على حال، وتبتكر شروطاً جديدة كل يوم؛ تعيد إلى الأذهان حكاية القاضي الذي سأل المتهم عن سنه فرد: من 40-50. فنهره القاضي وطلب منه تحديد السن بدقة فرد: من40-30 فازداد صراخ القاضي مطالباً بالدقة فرد المتهم: من 20 – 30.. ولحظتها التفت كاتب المحكمة للقاضي ونصحه باعتماد الرقم الأخير قبل أن يعود المتهم إلى.. بطن أمه!

حراج الشروط الحوثية يكاد يشبه حراج سن المتهم؛ ولو سكتت الدولة ومفاوضوها على لعبة الشروط فسوف يأتي يوم يطالب الحوثيون بالاعتذار عن ثورتي سبتمبر 1962 وفبراير 1948 ومنزل منزل.. واعتبار القتلى من جنود المملكة المتوكلية اليمنية وخاصة خلال حرب الجمهوريين والملكيين (1962-1970) شهداء، وصرف مستحقاتهم من يوم وفاتهم، ودفع تعويضات دفعة واحدة للجرحى طالما أنه لا يمكن معالجتهم بعد هذا الزمن الطويل!

 

***

بعيداً عن حقيقة أن المفاوضات الدائرة الآن بين دولة صنعاء وشقيقتها دولة صعدة؛ تعكس غرور الحوثيين وتردُّد الطرف الآخر في حسم موقفه وتذكُّر أنه دولة وليس فريق كرة قدم في إحدى الحارات؛ إلا أن المسائل التي تشكل (كما يقال في الإعلام) عقدة في طريق الاتفاق النهائي لا تبدو من النوعية الصعبة جداً التي تستوجب التمترس حولها من الطرفين إلى حد التهديد بحرب أهلية على لسان الحوثيين الأصليين والتايوان، وتحت شعار: يا قاتل يا مقتول على حد فتوى المحطوري.. أو اضطرار الرئيس هادي لدعوة الشعب للدفاع عن نفسه وماله وعرضه.. دون تفسير ما هو دور الجيش والأمن في هذه الحالة في ضوء ما قيل ويقال إنهما الجهتان الوحيدتان اللتان تحتكران حيازة السلاح، وان دورهما هو حماية الوطن والشعب وليس الوقوف على الحياد عندما يتعرض للخطر!

 

ولأننا من مواطني الجمهورية اليمنية الثالثة الشقيقة المجاورة للدولتين المتفاوضتين المتنازعتين على حياتنا؛ فقد يكون من المناسب أن نتبرع بما تيسر من الحلول الوسط لفك عقدة المفاوضات، وخاصة طريقة رفع الاعتصامات المسلحة داخل صنعاء وحولها.. بالإضافة إلى العقد الأخرى التي تداولتها وسائل الإعلام دون تأكيد رسمي على صحتها!

عقدة الاعتصامات وطريقة رفعها على مرحلة واحدة فورية (كما يشترط الرئيس هادي) أو رفعها على مرحلتين كما يصر الحوثيون.. هذه العقدة يمكن حلها بسهولة وجمعاً بين الرأيين وعلى قاعد: لا غالب ولا مغلوب، وعلى النحو التالي:

أولاً: يتم الاتفاق على رفع الاعتصامات دون استثناء من داخل العاصمة وخارجها (استجابة لشرط الرئاسة) ولكن على مرحلتين كما يطالب الأشقاء الحوثيون؛ بمجرد إعلان التخفيض الجديد لأسعار المشتقات النفطية، وتسمية رئيس الوزراء الجديد لحكومة الكفاءات؛ وبحيث يتم في المرحلة الأولى رفع كل الخيام والأفراد والمعدات العسكرية والمعدات المدنية دون استثناء أي شيء ولو كان متعلقاً بطقوس التخزين، والتشييش، وعربيات بيع البردقان وما شابهها وغيرها من عادات وتقاليد الشعب الشقيق!

تؤجَّل المرحلة الثانية لرفع الاعتصامات كلياً حتى إعلان التشكيلة النهائية للحكومة الجديدة.. حيث تبدأ هذه المرحلة بالقيام بحملة نظافة شاملة لكل ساحات الاعتصام الحوثية/ الصالحية من كل ما يوجد فيها من آثار المعتصمين مما خرج من الفم أو من السبيلين أثناء فترة الاعتصامات، والتي تركت وفق قول القائل: هذه آثارنا تدل علينا!

 

***

مطلب الاعتذار لضحايا غزوة مجلس الوزراء ووزارة الداخلية ليس صعباً تمريره؛ بشرط ربطه باعتذار الحوثيين عن ضحايا حزيز، وعمران، ودماج.. إلخ الغزوات التي قاموا بها، وأسوة باعتذار الحكومة سابقاً عن حروب صعدة، بينما الذي نفذها وأدراها لم يعرف له اعتذار، وهو الرئيس السابق الحليف والاستراتيجي للحوثيين في الغزوة الدائرة هذه الأيام!

 

***

هناك فرق كبير في السلمية بين أهل ذمار والحوثيين؛ فهؤلاء الأخيرون مصرون على الحصول على ميناء ولو أدى الأمر إلى حرب أهلية مدمرة.. بينما قَصَرَ أهل ذمار مطالبتهم يوماً بميناء على الهتاف السلمي: ميناء.. ميناء يا سلال!

وهناك فرق واضح بين خبرة الرئيس السلال في التعامل مع المطالب المستحيلة وبين خبرة الرئيس هادي؛ فالسلال ألقى بالكرة إلى ملعب الذماريين عندما قال لهم: الميناء علينا والبحر عليكم.. أما هادي فقد انزلقت رجله في الرمال المتحركة لمطالب الحوثيين مع أنه كان يمكنه أن يقول لهم: بانعمل لكم ميناء عالمي خاص بإقليم آزال في.. ذمار!

 

 

***

إذا كان من حق الحوثيين أن يكون لهم ميناء ومحافظة نفطية في إقليمهم؛ فمن حق الآخرين أن يطالبوا بتعديل الأقاليم لضمان مميزات مثل: وجود محافظة نفطية.. وميناء عالمي، ومطار دولي.. ومحافظة باردة لزوم الصيف، وأخرى دافئة لزوم الشتاء!

بقية المطالب أو الشروط التي قيل إن الحوثيين يفاوضون عليها سراً لا تدخل في باب المقايضات؛ فمكتب لحزب الله مقابل مكتب حماس غير واقعي، فحماس وبقية المنظمات الفلسطينية هي حركات تحرر وحزب الله ليس كذلك أو لم يعد كذلك منذ فترة طويلة؛ إلا إذا كان الخُبرة في دولة صعدة الشقيقة يعدون مشاركته في الحرب الأهلية السورية حرب تحرير! وفي كل الأحوال فهذا المطلب يمكن تأجيله والاستعاضة عنه بمقرات الحوثيين المسلحة في قلب صنعاء فهي أدق تعبير عنه!

 

***

حجة الحوثيين التي يرددونها دائماً أن الثورة فشلت لأنها أطاحت بإمام واحد وجاءت بألف إمام؛ هذه الحجة مردودة عليهم فالدولة الهادوية والأئمة جسدوا أيضاً طوال تاريخهم أنموذج الحجاج الثقفي ويزيد بن معاوية في القتل والإجرام واستباحة المدن وأعراض المسلمين.

 

والحمد لله أن المؤرخين الحوثيين القدامى حفظوا للتاريخ أمثلة لا تعد ولا تحصى عن جرائم الأئمة في حق اليمنيين ومنها حصار وتدمير صعدة نفسها عدة مرات، واستباحة أعراض اليمنيات كما فعل الإمام عبد الله بن حمزة في حق الأيوبيين الشوافع والزيدية المطرفية بوصفهم كفاراً.. وكانت آخر طبعة لاستباحة المدن ما فعله؛ قبل ست وستين سنة فقط؛ طاغية حوثي هو الإمام أحمد حميد الدين وإخوته عندما أباحوا صنعاء بما فيها للمهاجمين من أنصارهم، واقرأوا أنموذجاً من أفعال الطيبين الطاهرين الذين ما يزالون بعد ألف وأربعمائة سنة يتذكرون جريمة يزيد في استباحة المدينة وينسون جرائمهم في صنعاء التي ما يزال بعض شهودها أحياء.. وهذه الصورة منقولة من مذكرات القاضي عبد الرحمن الإرياني (ص 143- 144، الجزء الأول) نقلاً عن القاضي أحمد السياغي نائب إب الذي كان شاهداً كيف استباح الملكيون صنعاء بما فيها بأوامر من الإمام أحمد وقبائله.. وروى قصة المراة الحبلى التي ظنها المهاجمون تخفي مجوهرات وحلياً فهجموا عليها، وبقروا بطنها فماتت هي وجنينها.. وأثارت الجريمة اشمئزاز السياغي فأمر مرافقيه بالقبض على القتلة وحبسهم لكن العباس شقيق الإمام وقائد الهمج الذين أباح لهم الإمام ابن بنت الرسول صنعاء بما فيها؛ أمر بإطلاق سراح القتلة لأن الإمام قد أباح صنعاء وما فيها لهم!

*نقلا عن “المصدر أون لاين” اليمنية

almasdaronline.com/article/62061

أخبار ذات صله