fbpx
الخطوة الاستباقية للسعودية في اليمن

 

بكر أحمد

الرئيس عبد ربه منصور هادي يجري إتصالات عديدة لأجل أن يعيد المفاوضات من جديد مع الحوثي بعد أن أغلقه الأخير ، هذا الخبر كان متداول على مختلف وسائل الإعلام والذي له من الدلالة الشيء الكثير ويكشف بشكل جلي مدى بؤس وضعف الدولة أمام الحضور الحوثي الكبير والطاغي، فأنصار الله ليسوا على أبواب صنعاء وحسب بل هم في وسطها ويهيمنون على شرايينها من الداخل كما انهم يتخندقون ويتمترسون بمختلف الأسلحة التي تصلهم من المناطق الأخرى، وتتوالى القبائل الموالية لهم للحشد والتظاهر، لدرجة أن اسقاط صنعاء عن بكرة أبيها قد لا تستغرق معهم أقل من ساعات معدودة لو أراد الحوثي ذلك، وهو حتما يريد ذلك ولكنه يريدها على نار هادئة بعد أن تستوي الأمور ويتأكد أن سقوطها سيكون نهائيا لا رجعة فيه، وبعد أن يتأكد أيضا من قوة ردة فعل القوى الدولية التي استطاع أن يستدرجها الان الي مفاوضات مباشرة معه بعد أن تجاوز سلطة صنعاء الهشة.
لن نكون سذج لنكرر وبكل بلادة بأن للحوثي مطالب شعبية وأنه ومتى ما تم تنفيذها سيعود أدراجه، هذا هراء وعبث سياسي يسوق لوسائل الأعلام في حربها ضد بعضها في الداخل اليمني، فالحوثي رفع قميص المطالب لأجل أن يتم مشروعه المذهبي _ الأقليمي ، فهنالك تحول في الخارطة اليمنية بدت تتشكل بشكل واضح، انه تحول من الزيدية المعتدلة الي الجعفرية التي تحتوي بداخلها كل ذلك الكم التاريخي والسياسي والتي أوشكت ان تكون قوى فعلية في جنوب الجزيرة العربية.
عندما تسقط صنعاء، فهذا لا يعني إلا سقوط النظام الجمهوري وعودة النظام الأمامي القائم على الطبقية والعرقية، إنه نظام يعتمد على الغيبيات في كل تفاصيل الحياة، ولا اثر ابدا لأي قانون أو فكر أو مادة عصرية و مادية محسوسة، أنه يرفضها رفضا مطلق لأنها تتعارض في نظره مع الصيرورة الدينية المذهبية، التي ستقوم على إرغام الناس على أتباع منهجها المتطرف بقوة السلاح ولا خيار آخر ” للرعية ” إلا ذلك.

قيام دولة حوثية في جنوب المملكة العربية السعودية لا يعني إلا أن ايران وصلت الي حدودها وأن هذا يعتبر خطر لا يمكن تجاهله، وخاصة أن الحوثيين يجاهرون بعدائهم الشديد للرياض في وقت أنه ومن الحصافة عدم استعداء الجيران وخاصة مع دولة كبرى في المنطقة مثل السعودية، لكن هذا العداء ليس نابع من الحوثي كمنظمة مذهبية مسلحة، بل هو انعكاس للعداء الإيراني وضمن الصراع في المنطقة بين طهران والرياض.
لا يمكن إيقاف الحوثي، فقد تم تسمينه من إيران والنظام السابق في صنعاء، واصبح غولا والقوة الأكبر في اليمن، ولكن يمكن محاصرته وإبقائه ضمن نفوذه الشيعي في اليمن، وهذه تحتاج إلى خطوة استباقية تقوم بها السعودية تجاه اليمن وذلك لحماية مصالحها أولا ولطبيعة دورها الأخوي الدائم، والخيارات مفتوحة أمام الرياض وعليها أن تبحث استراتيجيا بحيث لا تضر اليمن ولا تضر مصالحها، ففي الماضي القريب كانت هنالك دولة قائمة تم التهامها بكل تفاصيلها وهويتها ومؤسساتها وبالإمكان الاعتماد عليها متى ما تم دعم استعادتها كحق أممي مشروع ، لأن الشمال ما عاد مكانا آمانا ، كما أنه ومن غير المقبول السماح للحوثي بالتمدد أكثر والتهام كامل اليمن، فهذا خطر علي الجميع بدون استثناء.