fbpx
الفساد في اليمن..خبرة وثقافة وتنظيم.. بقلم/ عبدالملك العجري
شارك الخبر
الفساد في اليمن..خبرة وثقافة وتنظيم.. بقلم/ عبدالملك العجري

 

اليمن بلد موبوء بالفساد الذي يعمل وحده من بين كل مؤسسات الدولة بطريقة مؤسسية ومنتظمة وممنهجة ومحترفة ,و المخاض العسير الذي تمر به اليمن هو النتيجة الطبيعية لتراكم مفرزات عقود من الفساد أوصلت البلاد إلى حالة من الانسداد السياسي وأوقعت الدولة في أزمة بنيوية شاملة على جميع الصعد السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية ,زادت تعمقا وتعملقا في عهد حكومة الوفاق كما وكيفا وفي الوقاحة أيضا.

الفساد كأي ظاهرة اجتماعية أو سياسية لا يمر دون أن يترك شواهد عليه تظهر في توزيع الدخول بشكل غير عادل يكرس التفاوت  الاجتماعي ويهدد الاستقرار السياسي ويعيد تشكيل المشهد الاجتماعي و منظومة القيم الاخلاقية والثقافية ويعرض شرعية النظام السياسي للتآكل ويكرس التبعية الاقتصادية و السياسية الأجنبية التي تصفد أي مشروعات تنموية محلية بأغلال التشريعات القهرية للرأسمالية المتوحشة وقوانين العولمة التي تنظر للعالم والدول النامية بالذات سوقا مفتوحة , وتفصل المسألة الاقتصادية والإصلاح الاقتصادي عن  الأخلاق والعدالة الاجتماعية بتركيزها المفرط على الربحية على أي اعتبارات أخلاقية أو اجتماعية حيث الإنسان في ظل نظام اقتصاد السوق كما يقول ماكس فيبر – مسكون في أعماقه بأخلاق تعظيم الربح وتحسين النجاعة متنكبا عن كل ما هو مقدس وجليل باعتباره شاغلا عن النجاح في العالم الدنيوي.

وحين تترافق أخلاق السوق بأخلاق الفساد كما هو الحال في اليمن  تنشأ علاقات استغلالية  مرهقة يكون ضحيتها الطرف الأضعف في العلاقة وهو المواطن الذي تريده مراكز الفساد قناً عندها.

في عام 1995م تحولت اليمن لنظام الخصخصة والسوق الحر وفقا لوصفة صندوق النقد والبنك الدوليين وبدأت سلسلة من الإصلاحات المالية كرفع الدعم عن الدقيق والقمح والرفع الجزئي للدعم عن المشتقات النفطية وصولا للرفع الكامل للدعم , ومنذ ذلك الوقت فشلت برامج الإصلاح  الاقتصادي في تحقيق أهدافها وفي  احدث تراكم تنموي  يذكر كالخفض من نسبة البطالة والحد من معدلات التضخم والتخفيف من الفقر و في تزويد الفقراء بالخدمات الأساسية الصحية والتعليمية وغيرها  أو في تحسين وضع الإنتاج غير الريعي المعتمد على النفط , وكانت كل فوائدها تصب في صالح مافيا الفساد الحاكمة ولصوص المال العام .

وفي كل مرة تصل مافيا الفساد الحاكمة  بالبلاد إلى مرحلة الإفلاس الاقتصادي تتجه الحكومة لاتخاذ تدابير من شانها  تحميل الفئتين الفقيرة والمتوسطة أعباء برامجها الإصلاحية  الأمر الذي أدى إلى توسع دائرة الفقر وضمور الطبقة الوسطى وانحدار جزء كبير منها إلى طبقة الفقراء وفي الآن نفسه  لا تلتفت إلى اتخاذ أي إجراءات أو تدابير من شأنها أن تمس مصالح أو امتيازات قطط الفساد في الحكومة ومراكز النفوذ المرتبطة بها  والتي مثلت ولا زالت تمثل  كوابح قهرية تكبل  لأنه باتفاق كل خبراء الاقتصاد من المتعذر بل من المستحيل إجراء أي إصلاحات اقتصادية في ظل تغول الفساد السياسي والإداري ومن دون إصلاح ثقوب الموازنة العامة التي  تستنزف الموارد,حيث التركيز سواء من قبل حكومة الوفاق او الحكومات السابقة كان يتم بالتركيز على مسالة رفع الدعم عن المشتقات النفطية من دن التفات لاثارها الاقتصادية والاجتماعية للجوانب المختلفة للإصلاح كالإنفاق البذخي والتزيد في النفقات التشغيلية التي ارتفعت –بحسب بعض الدراسات  – من 294.469″ في عام 2008م لتصل إلى “612.908” عام 2012م,ومكافحة التهرب الضريبي الذي تجاوز (30)مليار ريال عام 2005م وفقا لمذكرة مرفوعة من رئيس مصلحة الواجبات   وتصل  حجم الديون لمؤسسة الكهرباء نهاية 2012م (60)مليار ريال (30)مليار منها ديون لدى شخصيات نافذة و كبار المسؤولين  , والأرقام الخيالية التي يتقاضاها بعض القيادات العسكرية من الشركات النفطية بمبرر توفير الحماية الأمنية من الاعتداءات إذ تصل تلك المبالغ –بحسب تقرير لجنة التنمية والنفط والثروات المعدنية المقدم لمجلس النواب يناير 2014م -التي توافرت بياناتها للجنة إلى (238,127,920) دولار أمريكي سنويا ,وبما يعادل مبلغ وقدره (51,197,502,800) ريال يمني سنويا,وهي مجرد أمثله بسيطة للفساد المستشري في كل مؤسسات الدولة التنفيذية والاقتصادية  وأجهزتها الأمنية والعسكرية .

ولا ننسى الإشارة إلى دور صندوق النقد والبنك الدوليين المتواطئ مع الحكومة اليمنية من خلال استمرارهما في تمويل مشاريع ثبت فشلها. يقول الخبير الاقتصادي المعروف / يحيى المتوكل في مقابلة نشرتها صحيفة الثورة إنما استفزه هو دعوة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي الحكومة اليمنية على مزيد من الإصلاحات الاقتصادية وبالرغم من أن الدعوة للإصلاحات أمر ملح وأكثر من ضروري إلا إن موقف المؤسستين الدوليتين قد أصبح    – ومنذ عدد من السنوات – سياسيا أكثر منه اقتصاديا من خلال التغاضي عن أخطاء فادحة تستمر عليها الحكومة .

 

أخبار ذات صله