fbpx
انقذته مكالمة والدته في اللحظات الاخيرة تفاصيل نجاة جندي ردفاني من الذبح على يد القاعدة
شارك الخبر

يافع نيوز – متابعات

لم يكن الجندي (أ . ن . س)  الذي ألقى عناصر تنظيم القاعدة عليه القبض في محافظة شبوة منتصف الشهر الماضي وهو يؤدي واجبه في التصدي لعناصر التنظيم التي هاجمت النقطة العسكرية التي يتمركز فيها وقتل جميع زملاؤه من الجنود إلى جانب مقتل ستة من مسلحي القاعدة – لم يكن يعلم ما تخبئ له الأقدار وهو يُساق إلى ساحة الإعدام بعد أن تم إبلاغه بأنه سوف يتم إعدامه ذبحاً بالسكين في ساحة عامة بعد لحظات .
لم يكن الجندي الذي تحتفظ صحيفة “الأمناء” باسمه والمنتمي إلى محافظة لحج معصوب العينيين كما هي العادة أثناء تنفيذ حكم إعدام بحق أي شخص بل كان يشاهد كل ما يدور ويداه مقيدتان إلى الخلف حين اقترب منه شخصان ملثمان أحدهما يحمل سكيناً والأخر يحمل قطعة سلاح كلاشنكوف وطلبا مني الجلوس على ركبتيه فيما لف المكان صمت رهيب ولم يعد يسمع أي حديث أو همسات لمن كانوا متجمعين في الساحة .
يضيف الجندي (أ . ن . س) الذي روى ل الأمناء تفاصيل تلك اللحظات المؤلمة : كانت معنوياتي في تلك اللحظات قد انهارت ولم أكن أقدر حتى على الكلام وكنت أردد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله .
يصمت قليلاً وتخرج منه تنهيدة طويلة ثم يواصل حديثه بالقول : ( كنت قبل أن يحضر الملثمان أختلس النظر وأنظر في وجوه المواطنين الذين حضروا أو تم إحضارهم لمشاهدة تنفيذ حكم إعدامي لعلي أتعرف على شخص معروف من أهالي البلدة التي أعمل فيها وعايشت خلال أربع سنوات منذ مجيئي إلى محافظة شبوة الكثير منهم ولكن كانت وجوههم غريبة وتدل على أن المكان أو المنطقة ليست في شبوة وإنما في محافظة حضرموت , وحينما اقترب مني الملثمان سألاني (ما لذي تريد قوله , هل لك شيء تريد الإفصاح عنه أو تود أن تقوله قبل إعدامك) , في تلك اللحظات وصلت سيارة (هايلوكس قمارتين) ونزل منها حوالي اثنى عشر شخص جميعهم مدججين بالأسلحة وفيهم شخص أعتقد بأنه قيادي بارز في التنظيم كان المسلحون يلتفون حوله , وحين اقتراب منا استفسر من المسلحين اللذان كانا بجانبي عن حديثي معهم وماذا كنت أتحدث معهم , ثم سألهم هل كل شيء على ما يرام ؟ فأخبراه بأن كل شيء على ما يرام ثم أخبراه بما دار بيني وبينهم من حديث , ثم اقترب مني وقال لي ما لذي كنت تود أن تقوله وهل لك من وصية أخيرة قبل إعدامك ؟ فأخبرته بأني لم أرتكب أي ذنب حتى يتم إعدامي ولكنه عندها قاطعني وقال لي (هذا الأمر قد حسم وأنت تقاتل مع الجيش اليمني المتحالف مع الأمريكان وقتلتم الكثير من المجاهدين وإعدامك هو رسالة لكل العملاء والجواسيس وكل من يحاول رفع سلاحه في وجه المجاهدين بأن سيوفنا ورصاصاتنا سوف تطالهم جميعاً وحتى تكون عبرة لأمثالك من الجنود ) ثم وجه محاضرة مقتضبة للحاضرين استعرض فيها ما حققه المجاهدون من انتصارات وعواقب كل من يقف في طريقهم .
الفرصة الأخيرة !
ويسترسل الجندي (أ . ن . س) في شرح تفاصيل اللحظات الأخيرة بالقول : ( بعد أن أنهى من كان يسميه أعضاء الجماعة بـ”الأمير” محاضرته وأدار وجهه نحوي والمسلحين المكلفان بتنفيذ الإعدام خاطبته بأن لي أمانة ووصية هامة أود بأن أحملها إياه أو السماح لي بأن أقولها لأي من أفراد أسرتي وترجيته ودموعي تنهمر من أعيني , ثم صمت الأمير برهة وقال لي وهل لدى أسرتك رقم هاتف فقلت له نعم , ثم قال لبعض من حراسه , أين هاتف الجندي فقالوا له في السيارة ثم ذهب أحدهم فأحضر الهاتف فقال لي اعطني رقم هاتف والدك فقلت له بأن والدي قد توفي منذ فترة قال لي رقم أخوك فقلت له ليس لدي إخوة فأنا وحدي أعيل افراد الأسرة بعد وفاة والدي ولدي ست شقيقات ووالدتي , ثم صمت برهة فقال أعطني رقم المنزل فأعطيته رقم الهاتف الجوال الخاص بالمنزل , مع العلم بأن أفراد اسرتي كان لديهم علم مسبق بأنني مختطف لدى تنظيم القاعدة فقد أبلغتهم بذلك بعد أن سمح لي أحد الحراس بالاتصال أثناء فترة سجني .
– المكالمة التي أسقط السكين وأبكت الأمير :
يقول الجندي الذي رفض أن نلتقط له صورة أو الإفصاح عن اسمه بصورة واضحة والاكتفاء بالرموز : لا أخفيكم سراً بانني كنت في تلك اللحظات غير قادر حتى على الكلام وبماذا سوف أتحدث مع والدتي وشقيقاتي خاصة وأن جميع أفراد أسرتي كانوا محضرين لي كافة مستلزمات الزواج لكون موعد زواجي هو العاشر من الشهر الجاري , وكنت أريد أن أبلغ والدتي بأن تبيع ما بقي معي من أغراض إضافة إلى أربعة رؤوس من الغنم ورأس من البقر وتسدد ما عليّ من ديون لفلان وعلان وأطلب منها السماح .
حين رن الهاتف كان أحد المسلحين وهو المكلف بإعدامي ممسك بيده اليمنى السكين وبيده اليسرى الهاتف لأنني كنت في تلك اللحظات مقيد اليدين وكانت سماعة الهاتف في وضع خارجي (أي مكبر) وقد سارعت إحدى شقيقاتي بالرد على الهاتف وقد فرحت فرحاً شديداً باتصالي معتقدة بأنني قد أُخلي سبيلي سألتها عن حالها وبسرعة أخبرتها بانني في ساحة الإعدام وسوف يتم إعدامي بعد لحظات وأنني أريد أن أكلم والدتي فلم تتمالك نفسها وصرخت صرخة كبيرة ولم تنطق بكلمة واحدة وكنا نسمع صراخ شقيقاتي وحديث والدتي التي أخذت سماعة الهاتف وهي تجهش بالبكاء , عندها تمالكت نفسي وحاولت وبكبرياء أن لا أجهش بالبكاء رغم أن الدموع كانت تنهمر من عيني , سألتني مباشرة هل صحيح ما سمعت فقلت لها نعم وسوف يتم اعدامي بعد لحظات وأريد بأن أوصيك بأمور هامة , فصرخت بصوت مرتفع لا لا من لي بعدك يا (…) حرام عليكم , حرام عليكم (…)
هو ما بقي لي في هذه الدنيا لمن تتركنا أني وشقيقاتك , وكان الجميع يستمع وبصمت إلى حديث والدتي فقالت اتركني أتحدث مع من يريد إعدامك , فأشار الأمير إلى من كان يمسك الهاتف بالرفض فقلت لها يا والدتي اسمعيني ولا داعي فلا فائدة من أي توسلات اسمعيني وكنت أريد بأن أسمعها وصيتي فرفضت إلا أن تتحدث مع الأمير فقلت لها هو الآن يسمعك فرفعت صوتها وهي تجهش بالبكاء وقالت بما معناه مخاطبة الأمير : أستحلفك بالله الذي لا إله إلا هو أن تعفو على ولدي فلذة كبدي ونور عيني من لي سواه أني وأخواته , ليس لنا من عائل غيره ما لذي ارتكبه إذا كنت مسلم وتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله فإنني مرأة وحيدة ونحن نساء في هذا المنزل ليس لنا من يحمينا أو يوفر لنا قوتنا سوى (…) لا تحولوا ما تبقى لي من أيام في حياتي إلى جحيم أستحلفكم بالله أستحلفكم بالله اتركوني أفرح بولدي فزواجه بعد أيام , أستحلفكم بالله ,, كررتها عدة مرات , فشاهدت الدموع تذرف من أعين الأمير وعندها أجهش بالبكاء فأجهش كل من حوله بالبكاء واسقطت من كان مكلف بإعدامي السكين من يده فتقدم الأمير نحوي وأخذ سماعة الهاتف وصوت والدتي مازال يُسمع في الهاتف , ثم تنهد الأمير تنهيدة ومسح الدموع من عينية ثم تحدث إلى والدتي بالقول : اسمعي ياوالدتي والله أن حديثك لو ألقي على حجر لفلقه إلى نصفين نحن مسلمين ونحارب من يعادي الإسلام والمسلمين وأعدك وأعلن للجميع بأننا قد عفينا على ولدك وسوف يصلك معززا مكرما وثم أغلق سماعة الهاتف وأمر جماعته بإلغاء تنفيذ حكم الإعدام وأمر من كان في ساعة الإعدام من المواطنين بالانصراف , وفي تلك اللحظات لم أتمالك نفسي من البكاء وكنت غير مصدق بما حدث بعد ان كنت منتظر أن يضع الجزار السكين على رقبتي لذبحي وإنهاء حياتي ) .
وماذا بعد :
يقول الجندي (أ . ن . س) تم اخذي من ساحة الإعدام بعد أن تم عصب أعيني بقطعة من القماش حتى لا أتعرف على تضاريس المكان الذي يقيم فيه مسلحو التنظيم وفي غرفة صغيرة لا تتجاوز (3) أمتار تم إزالة قطعة الشاش ثم دخل عليا ثلاثة أشخاص فألقوا عليّ محاضرة مطولة وأبلغوني بأن الأمير قد أعطى التوجيهات بإخلاء سبيلي وأعطوني مبلغ من المال (50000) ألف ريال ثم قاموا بعصب أعيني بقطعة الشاش وكانت الساعة حوالي السادسة أي قبل المغرب لقليل حيث تم أخذي إلى المدينة وسلموني لشخص قام بإيصالي إلى فرزة السيارات المتجهة إلى المكلا وقالي لي بأن هذه السيارة سوف توصلك إلى المكلا ومن هناك سوف تنطلق الى عدن ومن ثم إلى مدينتك ) .
يؤكد الجندي المفرج عنه في سياق حديثه المؤثر لـ”الأمناء” بأن وحدته العسكرية وخلال فترة احتجازه لم تكلف نفسها بالبحث أو حتى السؤال عنه , لافتاً إلى أنه الآن ينتظر حفل زفافه في العاشر من هذا الشهر ووجه لنا دعوة للحضور في حفل الزواج , مؤكداً بأنه لن يعود مرة أخرى لوحدته العسكرية ولن يعمل في السلك العسكري ما بقي على قيد الحياة .

أخبار ذات صله