fbpx
حقائق تنشر لأول مرة .. الجنوبيون الذين قطنوا في اليمن الشمالي ( معاناة مزدوجة)
شارك الخبر

 

–         وصل عددهم الى (5 الف ) اولهم جبهة التحرير المقصية من حكم الجنوب انذاك ولحقهم اصحاب ” علي ناصر ” واخرين قبلهم .

–         ابتزهم الشمال وعاملهم كلاجئين بعد ان طردهم الرفاق من الجنوب.

–          فتح لهم الشمال معسكرات لمواجهة نظام الجنوب ورماهم بلا وظائف.

–         نظام اليمن الجنوبي كان يعتبرهم ” مرتزقة ” لمشاركتهم في حروب الشمال ضد الجنوب .

 

مقدمة :

” يمانيون في المنفى ومنفيون في اليمن/ جنوبيون في (صنعاء) شماليون في عدن / وكالأعمام والأخوال في الإصرار والوهن/ خطى(أكتوبر) انقلبت حزيرانية الكفن / ترقّى العار من بيع ٍ إلى بيع بلا ثمن / ومن مستعمر غاز إلى مستعمر وطني / لماذا نحن يا ربى ويا منفى بلا سكن / بلا حلم بلا ذكرى بلا سلوى بلا حزن ؟ ” . الشاعر الكبير – البردوني .

 

(( لم تكن معاناة من جانب واحد بل من كل جانب، ولم يذق أحدا مثلها، خاصة عندما يشعر الانسان أنه تائه في وطنه ومعرض بين لحظة وأخرى للقتل والاعتقال، اننا مشردون بأكثر مما تحمله الكلمة من معنى، ذقنا مرارات العيش، واصبحنا تائهين بلا هوية، ومعاناتنا كانت مزدوجة وصرنا اليوم بلا حاضر ولا مستقبل .

يا بني لو حكيت لك كيف تم معاملتنا نحن الجنوبيين في الشمال، وكيف كانت حياتنا ستذرف الدمع ))

بهذه الكلمات تحدث لـصحيفة “يافع نيوز” بعض الجنوبيين الذين قطنوا في اليمن الشمالي منذ ما بعد الاستقلال الأول، عقب طردهم وملاحقتهم من نظام ” دولة الجنوب.

الصحيفة استمعت بجدية لهذه الاصوت الجنوبية، التي شاركت في النضال المسلح ضد الاستعمار البريطاني، لكنها تعرضت عقب تحقق الاستقلال للطرد والملاحقة، حتى كان يطلق عليهم شخوص نظام الجنوب أنذاك بــالمرتزقة .

 ومن هنا .. وبعد مراحل طوال وسنوات عجاف مر بها اليمن الشمالي وكذلك اليمن الجنوبي، كان لابد من الاستماع لهذا الصوت ونقل معاناته، حتى لا يتكرر ما جرى لهم لأي فئة جنوبية في الزمن الحالي.

( الجنوب لجميع ابناءه ) مبدأ تسلح به الحراك الجنوبي السلمي، مبارزاً ممارسات واساليب النظام الحاكم في اليمن ” نظام ما بعد حرب غزو الجنوب”، فأفشل به مخططات التفرق والتشرذم الشعبي والانقسام، ويؤكد الحراك ان هذا السلاح سيبقى ركيزة اساسية لكل اجيال الجنوب القادمة، منبثق من  المبدأ العظيم ال ” التسامح والتصالح الجنوبي  ” الذي كان صميم التحول في مسار الجنوب حاضراً وسيكون كذلك مستقبلاً .

يافع نيوز –  أديب السيد :

في المرحلة الماضية من منتصف القرن الماضي، مرت دولتا ” اليمن الجنوبي واليمن الشمالي” بمراحل من الصراعات السياسية، التي أدت الى اقصاء وتهميش كثير من كوادر الدولتين، ففر شماليون الى دولة الجنوب، وهرب جنوبيون الى دولة الشمال، وبين هذا وذاك كانت حكايات وقصص مأساوية، تجرعها المئات ان لم يكونوا الالاف من الجنوبيين الذين نزحوا جراء الملاحقات التي كان يمارسها نظام دولة الجنوب انذاك، ومع انهم لجأوا الى اليمن الشمالي، إلا ان النظام هناك، مارس عليهم اساليب قهرية وابتزازية، ورفض اعطاءهم الهوية، وباتوا مجهولين، يعانوا الأمرين .

جنوبيون مجهولون في الشمال وشماليون جنوبيون في الجنوب :

من ابرز الممارسات التي اتخذها نظام اليمن الشمالي مع كل وافد جنوبي اليه، هربا من ملاحقة نظام الشمال، هي رفض اعطاءهم ” الهوية “، ومنحهم فقط بطاقة اقامة مؤقتة، وهو الأمر الذي كان على غير ما منحه نظام الجنوب لــ” الشماليين ” الهاربين الى الجنوب من ملاحقات نظام اليمن الشمالي  .

ولهذا فقد عاش الجنوبيون في الشمال بلا قيمة، ولا مكانة، وكانت تتم معاملتهم بابتزاز، واستحقار، ورفض قبولهم في التوظيف، كما لم يتم السماح لهم بتبوء أي من المناصب الحكومية حتى في حدودها الدنيا، او في اجهزة النظام الشمالي، ويتم استخدامهم فقط لمساومة النظام في الجنوب ابان الحروب النزاعات التي دارت بين نظامي الدولتين في الجنوب والشمال.

ومنذ فرار قيادات جبهة تحرير الجنوب من الاستعمار البريطاني والذين هربوا الى الشمال، عقب سيطرة الجبهة القومية على زمام الحكم بعد الاستقلال ” هرب المئات من ” التحريريين” من الجنوب  وتوجهوا الى الشمال، وهناك قطنوا بعد ان قبلهم النظام الشمالي، لكنه عاملهم بتمييز وفرض عليهم اجراءات استثنائية، جعلتهم بين رمضاء حنين العودة لوطنهم الجنوبي الذي طردوا منه، ونار البقاء دون هوية ومكانة في الشمال .

ضن قيادات جبهة التحرير الذين ظلوا فارين من الجنوب منذ الاستقلال معتقدين انه بتغيير رئيس في الجنوب سيتم عودتهم الى الجنوب، ولكن كان كلما اسقط رئيس او قتل، تزداد عليهم المعاناة وتضيق حولهم الافاق .

لقد كان  عدد اولئك الذين رمى بهم ” نظام الجنوب ” إلى جحيم نظام الشمال ، المئات من الجنوبيين، بعضهم  لا يزالوا يقطنوا  الان في الشمال متوزعين في تعز وصنعاء، فيما عاد بعضهم الى الجنوب بعد ” الوحدة “.

بل وصل عددهم الى نحو  ” الف شخص “، فيما زادوا في فترات اخرى وحتى عام 90 ما يقارب ” 5 الف شخص ” .

لقد مكث اولئك في الشمال واستقبلوا الفارين من الجنوب تباعاً، بدءاً من استبعاد قيادات جبهة التحرير، ومن ثم ظل المعارضين للنظام يفرون تباعاً، بعد خلافات الرفاق على كرسي الحكم في نهاية السبعينات وكذلك في الثمانينات .

وبعد ان غادر ” اصحاب علي ناصر ” ارض الجنوب عقب الحرب الاهلية التي انلعت في 86م، متوجهين الى صنعاء، كنا في استقبالهم بعدما رفضوا عودتنا الى الجنوب .

والمصيبة ان الطرف الذي تقاتل مع ” علي ناصر محمد ” في تلك الحرب، لم يكتفي بسيطرته على الحرب، بل انه طلب لتحقيق ” الوحدة اليمنية ” طرد ” علي ناصر محمد واصحابه ” من صنعاء ، وهو ما حققه نظام الشمال وفعله، حيث قام باشعار ” علي ناصر محمد ” بالمغادرة .

شماليون في الجنوب :

وفيما يخص مسألة تواجد الشماليين في الجنوب، بعد ان هربوا من بطش نظام اليمن الشمال، فقد كان للشماليين في الجنوب، قيمتهم ومكانتهم، ومنحهم نظام الجنوب انذاك، هوية  “اليمن الجنوبي” واعتبرهم مواطنين كاملين في ارض الجنوب، لهم ما للمواطن الجنوبي الأصل، وعليهم ما عليه .

ولم يقم النظام الجنوبي بابتزاز الشماليين اللاجئين اليه، بل فتح لهم ابواب كل الاجهة والمؤسسات الحكومية، وسمح لهم بالانخراط في المجتمع ومنحهم حق الانتخاب وحق المواطنة المتساوية، وتبوء المناصب والمراكز الحكومية، حتى ان اغلبهم كانوا باتوا اصحاب قرار في نظام الحكم الجنوبي، حتى وصل الأمر إلى ان يكون رئيس الدولة الجنوبية ” شمالياً ” وكذلك وزراء ووكلاء ومدراء ومسئولين، بل وقيادات عسكرية .

مرتزقة أم مظلومين ..؟

ظل نظام دولة الجنوب، يردد عبارة ” مرتزقة” قاصدا الجنوبيين القاطنين في الشمال، المعارضين للاستفراد بالحكم من قبل ” الجبهة القومية “، وطالب كثيرا نظام اليمن الشمالي بتسليمهم اليه، رغم ان اكثرهم لم يكن يشارك في حروب البلدين .

وما اذا كان اولئك الجنوبيين ” مرتزقة ام مظلومين “، كان الامر متفاوتا، إذ تسرد مصادر كانت مسئولة في نظام اليمن الجنوبي، ان اولئك الجنوبيين، كانوا يتقدمون دائما جبهات القتال التي ينصبها اليمن الشمال في الحدود لمقاتلة الجيش الجنوبي لصالح الشمال وعلى هذا تم تسميتهم بــ” المرتزقة “.

فيما يؤكد الجنوبيون الفارين الى اليمن الشمالي، صحة تقدمهم في جبهات القتال لمقاتلة الجيش الجنوبي، لكنهم يؤكدوا ايضاً ان نظام الشمال كان يفرض عليهم اجباريا تلك المواقع، وكان كلما ثارت الحرب بين البلدين، يتم فتح معسكرات للجنوبيين ويتم تسليحهم، للمواجهة، وما ان تنتهي الحرب، والمناوشات، يتم رميهم في منازلهم دون ان يجدوا حتى لقمة عيشهم ، وكل ذلك ونظام الجنوب يرفض السماح لهم بالعودة، وتخليصهم من جحيم المعاناة المزدوجة .

نظام اليمن الجنوبي كان يدعم ما سميت حينها ” الجبهة الوطنية ” وهم شماليون من المناطق الوسطى، يقال انهم كانوا يعملون مع نظام اليمن الجنوبي لمحاولة فرض سيطرته على تلك المناطق المتوسطة في ” تعز وإب “، وفي مقابل ذلك، كان يطلق على اصحاب الجبهة الوطنية ” اخواننا الذين يناضلون في الداخل ” ، كما يطلق على الجنوبيين الفارين في الشمال بــ” المرتزقة ” .

وحول هذه اللفظة، دارت قصة سردها احد الجنوبيين الذين عاشوا في الشمال، وذلك إبان مفاوضات قيادات البلدين على ” الوحدة ” في بداية الثمانيات، حيث تفاجأ عدد من الجنوبيين في تعز فجراً بحراسات مكثفة على اسطح منازلهم وامامها، واتضح ان تلك الحراسات كانت احتياطات امنية اثناء زيارة ” الرئيس الجنوبي – علي ناصر محمد ” لمحافظة تعز، في اطار مفاوضات الوحدة .

عقب تلك المفاجئة، اجتمع عدد من الجنوبيين القاطنين في تعز، وقرروا مقابلة الرئيس ” علي ناصر محمد ” في تعز، لشرح له ظروفهم، وانهم لا يحملون أي نوايا سيئة نحوه او نحو أي جنوبي، اذ كانوا اصلاً غير قادرين على امتلاك أي نوع من الاسلحة .

رد عليهم ” ناصر ” عبر مرافقه ، بالقول ” نحن لا نقابل مرتزقة ” ، فعاد الجميع الى منازلهم بعد تلك الاجابة الحادة من ناصر لهم .

وبعد خروج علي ناصر محمد من الجنوب عقب حرب 86م ، طلب مقابلة الجنوبيين في الشمال، فرفض بعضهم مقابلته، وردوا على موفده اليهم بقولهم ” نحن لا نقابل مرتزقة ” ، فيما كان قابله اخرون .

وبعد ان التقى ناصر في صنعاء ببعض من رفضوا مقابلته، تم تذكر الموقف، واوضح لهم ” الرئيس ناصر ” انه لم يقل أي نوع من هذا الحديث، راميا بالتهمة على خصومه بانهم افتعلوا ذلك دون ان يدري . بحسب حديث احد الجنوبيين الهاربين الى الشمال للصحيفة .

مواقف :

–         تذكر احدهم موقف جرى معاه  في الشمال بعد ان كان ذاهبا للعمرة برفقة والدته، الا ان النظام الشمالي رفض ، وتم احتجازه  واحتجاز جوازه وجواز امه، وذلك بأوامر من  ” علي محمد السعيد ” نائب مدير الامن الوطني بتعز، مانعين اياه ووالدته من اداء العمرة .

–         أنه في فترة من الفترات، عقب الوحدة اليمنية، كان ” سعيد صالح الردفاني” في زيارة احدهم بتعز، وفي حديث بين الحاضرين، قال ” سعيد  صالح ” لهم ” احمدوا ربكم اننا نفعناكم بخروجكم من الجنوب” فهاانتم تملكون الان منازل وسيارات في الشمال، أما نحن قيادات الجنوب لا نملك ” لا سيارات ولا عمارات لا في الشمال ولا في الجنوب ” .

 

 

* عن يافع نيوز الورقية

أخبار ذات صله