fbpx
ومضات من خطاب السيد اليماني .. بقلم : د. عبده البحش
شارك الخبر

قبل الدخول والغور عميقا في مضامين خطاب السيد/عبد الملك الحوثي زعيم انصار الله وقائد المسيرة القرانية كما يسمسيه انصاره ومريديه، رأيت انه المفيد التعرض لشخصية السيد ولو بشكل موجز جدا.

السيد/عبد الملك كما يبدوا في خطاباته واحاديثه بين الحين والاخر شخصية موهوبة جدا، رغم انه لا يهتم كثيرا للبرستيج الذي تحرص عليه الكثير من الزعمات العربية والعالمية، فالسيد يبدو دائما بهيئة متواضعة جدا وبملابس شعبية ليس فيها ترف او تكلف، وهذه الاطلالة للسيد بشخصيته المتواضعة تجعله قريبا جدا من قلوب الملايين من ابناء الشعب.

كما ان الطريقة التي يخاطب بها الشعب هي ايضا طريقة عفوية مبسطة بعيدة عن الرسميات والهيلمانات والتكلفات التي يتخذها الزعماء والقادة السياسيين، وهي طريقة فعالة ومؤثرة جدا على نفوس الملايين الذين يشاهدون ويصغون الى خطاباته، بحيث يجعلوهم يتأثرون بخطاباته لدرجة ان كلماته تقع على قلوبهم وقع السحر الذي يأسر الافئدة.

ان السيد كما يتحدث عنه حوارييه والمقربين منه شخصية تتصف بالحكمة والشجاعة والثقة الكبيرة بالله وبسلامة مسيرته الثورية وصوابية خطاها، وثقته المطلقة بالنصر في حروبه، رغم كثرة اعداءه وثراهم الفاحش وقوتهم العسكرية الضخمة، كما ان السيد كما يقال عنه شخصية زاهدة في الحياة، فهو لا يهتم كثيرا لنوعية الطعام الذي يتناوله ولا لرفاهية المنزل الذي يسكنه، فهو يكتفي بالشيء اليسير من الطعام، والاثاث الضروري فقط للمنزل الذي يسكنه.

لست هنا بصدد تلميع السيد او عمل دعاية سياسية لشخصيته او في موقف الدفاع عنه، فهو اليوم في موقف القوة والعزة وليس بحاجة لاحد كائنا من كان كي يدافع عنه، كما انه قد بلغ من الشهرة والسمعة وحسن السجايا درجة رفيعة تجعله في غناء عن اي تلميع او صناعة دعاية سياسية تمجده، كونه لا ينوي الترشح للفوز بمنصب رئيس الجمهورية.

الان وبعد الحديث عن شخصية السيد بشكل موجز ومقتضب، دعونا نعرج على اهم النقاط التي تركز خطابه عليها بغض النظر عن ما قيل ويقال بشأن خطابه الاخير من لدن من هم يخالفونه الرأي او يكنون له البغض والعداء، حيث لا يصح في الاخير الا الصحيح رغم كثرة الضجيج والعويل والقال والقيل والتحليل والتأويل من خلال كتاب المقالات الصحفية والتصريحات الاعلامية لشخصيات سياسية وغير سياسية تصب كلها في خانة النقد والتخوين والاتهام.

ان ابرز النقاط التي تركز عليها خطاب السيد هي كالتالي:

اولا: اجبار الحكومة على الغاء الجرعة، وهو مطلب شعبي جماهيري يمني وليس مطلب حوثي او فئوي او مذهبي او طائفي، وبهذا يكون السيد قد عبر عن هموم المواطن اليمني البسيط وعن الغالبية العظمى من اليمنيين المظلومين والمهمشين والمطحنونين بالفقر والغلاء والحرمان والبؤس الشديد، في الوقت الذي ثبت للشعب اليمني مشاركة الاحزاب في اقرار هذه الجرعة القاتلة رغم ان البعض من هذه الاحزاب تدعي الثورية والنزاهة والحرص على مصلحة الوطن والشعب، فانكشف كذبها واتضح زيفها، وبانت الاعيبها وسقطت البراقع عن وجهها القبيح.

ثانيا: اسقاط حكومة المحاصصة الفاسدة، حيث ثبت للشعب اليمني بأسره ان حكومة المحاصصة وخلال ثلاث سنوات عجاف هي الحكومة الاكثر فسادا واجراما في تاريخ اليمن الحديث، حيث تخلت الحكومة عن كل مسؤلياتها وواجباتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والامنية، واهتم وزراؤها بنهب ثروات البلاد وخيراتها ومقدراتها، واقتسام موارد اليمن دخلا بين اعضائها، ومراكز القوى الفاسدة في البلاد الحاكمة والمتحكمة بموارد اليمن النفطية والغازية والمحتكرة للحركة التجارية والاستثمارية، مما ادى الى تصاعد الفساد اضعافا مضاعفة عما كان عليه من قبل، فضلا عن تواطئ الحكومة بعملية اهدار الموارد الاقتصادية، من خلال تشجيع مفجري انابيب النفط والكهرباء والتستر عليهم وعدم محاسبتهم وتقديمهم للعدالة وردعهم كونهم مخربين ومفسدين في الارض، فضلا عن ان الحكومة اعفت قوى الفساد من الاستحقاقات الضريبية الباهضة، التي تمثل احد روافد الاقتصاد الوطني، كما ان الحكومة ساهمت باهدار المال العام من خلال صفقات ومناقصات لصالح نافذين تشوبها عمليات فساد كبيرة جدا قصمت ظهر الاقتصاد الوطني، وفي الملف الامني شهدت الثلاث السنوات الفائتة من عمر الحكومة اكبر عملية انفلات امني متعمد في تاريخ اليمن الحديث تمخض عنها اغتيال الاف الضباط والجنود والشخصيات السياسية والوطنية واصحاب الخبرات والكفاءات والعقول الوطنية اليمنية، وبهذا سجلت الحكومة لنفسها اسواء سيرة ذاتية في تاريخ الحكومات اليمنية والنتيجة هي ان الحومة فشلت فشلا ذريعا في كافة المجالات، لدرجة انه من السخف القول باستمرار هذه الحكومة وبقائها تدمر اليمن ارضا ومقدراتا وانسانا وتجر الوطن الى الهاوية.

ثالثا: تشكيل حكومة انقاذ وطني، وهذا المطلب الذي تضمنه خطاب السيد لا يبدو انه مطلبا حوثيا وانما هو في الحقيقة مطلب وطني شعبي يمني تؤيده غالبية الجماهير اليمنية، بغض النظر عن موقف النخب السياسية الحزبية، التي في غالب الاحيان لا تمثل الا نفسها ومصالحها الانانية الضيقة لدرجة ان جماهير احزاب تلك النخب تتقاطع مع سياسات ومواقف قيادتها السياسية، وبهذا فان السيد في خطابه قد عبر عن ارادة الشعب اليمني التي يجب ان تحترم وان تعلو على كل الارادات الثانوية بما فيها ارادة الدول العشر وارادة مجلس الامن الدولي الذي بات يتدخل بقضايا داخلية هي من اختصاص الشعب اليمني حصريا.

رابعا: تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، حيث لوحظ بعد نهاية مؤتمر الحوار الوطني ان الحكومة عزفت عن تنفيذ المخرجات التي اقرها المؤتمر وذهبت لافتعال ازمات محلية مثل ازمة الغاز والديزل والبترول، لمحاربة الشعب اليمني في لقمة العيش والحياة الضرورية، فظلا عن ذهاب الحكومة الى شن حروب داخلية هنا وهناك وبالذات ضد انصار الله، لانهم يقامون الفساد والبغي والظلم والعدوان، ومن ناحية اخرى تفجير حروب عبثية ضد ما تسميه الحكومة تنظيم القاعدة رغم ان الحكومة هي من ترعى القاعدة في اليمن وتدعمها لضرب الجيش اليمني وتدمير قوته العسكرية، ضمن لعبة مخطط خارجي خبيث يستهدف تدمير قوة اليمن العسكرية، ولذا فان السيد ركز على اهمية تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني لتفويت الفرصة على الاعداء الخارجيين وعملائهم في الداخل ومن ثم انقاذ اليمن من المحرقة التي جرتها اليها حكومة المحاصصة الحزبية.

خامسا: ايقاف الفساد، حيث تركز خطاب السيد على ضرورة ايقاف الفساد الذي ينخر اقتصاد الدولة اليمنية نخر الدود للخشب ويحول دون اي تنمية وطنية، نظرا لأن ما يقارب نصف موازنة الدولة يذهب الى جيوب الفاسدين والمتنفذين دون وجه حق او مسوغ قانوني وانما يتم نهب هذه الاموال عن طريق القوة العصبوية والاعتماد على منطق السيطرة والغلبة، وهذا المطلب هو في الحقيقة مطلب الشعب اليمني بشكل كامل، وليس مطلب انصار الله والمسيرات اليومية التي تشهدها صنعاء وكافة المحافظات خير دليل على ان الشعب هو من يتبنى هذه المطالب وما السيد وانصار الله الا معبرين عن ارادة الشعب في ايقاف الفساد وقطع دابر الفاسدين اينما كانوا.

سادسا: التأكيد على سلمية المظاهرات، تضمن خطاب السيد وبشكل مكثف التأكيد على سلمية الثورة الشعبية وسلمية المظاهرات والاعتصامات حتى تستجيب السلطة لمطالب الشعب اليمني العادلة والمشروعة، حيث اكد السيد ان لا رجعة عن تلبية هذه المطالب معطيا السلطة حتى يوم الجمعة القادم فرصة ذهبية لمراجعة حسابتها، اما ان تستجيب لصوت الشعب وارادته ومطالبه او ان تواجه غضب الشعب الذي سيتصاعد بلا شك وبطرق سلمية، وحذر السيد الحكومة من مغبة الاعتداء على المتظاهرين ناصحا الحكومة عدم الاستهتار بحياة اليمنيين واكد السيد ان انصار الله لن يقفوا مكتوفي الايدي يتفرجون على المواطنين اليمنيين يقتلون ظلما وعدوانا بأيدي السفاحين قائلا لن نقبل بجمعة كرامة اخرى، وهي رسالة واضحة الى من استمرؤا على سفك دماء اليمنيين وازهاق ارواحهم طوال العقود الماضية لعلهم يتعضوا ان الوضع قد تغير اليوم وان أي قتل للمواطنين اليمنيين الابرياء من المتظاهرين لن يمر دون عقاب، وعلى القتلة ان يفهموا جيدا انهم سيفتحون ابواب جهنم على اجسادهم ان هم ارتكبوا هذه الحماقة واقدموا على قتل المعتصمين المطالبين بحقوقهم.

أخبار ذات صله