fbpx
فخامة الرئيس . . .مبروك النفق

لا يمكنني الجزم أن النفق الذي قيل أنه يستهدف حياة الرئيس السابق علي عبد الله صالح قد تم حفره لهذا الغرض أم لا كما لا يمكنني التأكيد عما قيل بأن النفق قد أعد بعلم فخامته في العام 2011 عندما أوشكت مسيرات الثوار أن تقتحم دار الرئاسة وبيت الرئيس وتصل إلى “غرفة نومه”، لكن ما أريد تناوله هو تلك الجزئية المتصلة بحالة نفسية تتعلق بإدمان حالة الظهور والإصابة بوعكة نفسية وصحية إذا ما غاب صاحب الحالة عن الإعلام.
لقد أدمن الرئيس صالح على مدى ثلث قرن الظهور على الإعلام فصار من المستحيل ان يبقى يومين أو حتى يوما واحدا دون أن يطل على وسائل الأعلام، وقد لاحظنا كيف سخر عملية تخليه عن السلطة لتهنئة مؤيديه له على تنازله و(حرصه على اليمن وسلامتها)، طبعا بعد أن أوصلها إلى أسفل سافلي الفقر والجهل والاحتراب والفساد والتخلف، كما شاهدنا كيف يستقبل المهنئين بمناسبة ذكرى سبتمبر وذكرى اكتوبر ونوفمبر و22 مايو وحتى هطول الأمطار وعيد الفطر وهي كلها تظاهرات تبين مرض نفسي اسمه النرجسية والرغبة في الظهور والتباهي بحب الناس حتى وإن كان حبا مصطنعا وموجها ومدفوع الثمن سلفا، طبعا نحن هنا لن نناقش اعتباره أن حب الناس له هو حب للوطن، والخلط بين شخصه وبين الوطن، بما يجعله هو الوطن والوطن هو.
لا يمكن إنكار أن للرئيس صالح أنصار وأحباب فإذا كان هناك من القادة من ظل يستلم شهريا الملايين خارج حقه القانوني وهناك متزلفون ومنتفعون ومستفيدون، وهناك أحباب مخلصون من الأقارب والأتباع فإن إنكار وجود أحباب للرئيس السابق يكون أمر لا يقبله العقل ولا المنطق، لكن ما نحن بصدده هو ذلك الاستثمار للأحداث والصغائر والتفاهات وتحويلها إلى مناسبات للظهور الإعلامي والحديث عن المنجزات الوهمية ومحاولة إقناع الناس أن اليمن كسبت شيئا في ظل حكم هذا الرئيس بينما لم تجن إلا الحروب والاقتتال والفساد والسلب والنهب وتنمية النزاعات وانتشار الفساد والرشوة وقابلية التفكيك والتمزق والتشظي الشطري والجهوي والطائفي والقبلي.
قال الرئيس صالح في حديثه أمام النساء اللواتي جئن لتهنئته بالنجاة من النفق، أنه لم يفعل سوى واجبه وما تمليه عليه مسئوليته لكنه لم يقل لنا هل كانت حروب صعدة واجبا رئاسيا؟ وهل كان تدمير الجنوب وإبعاد كل أبنائه من الوظيفة الحكومية واجبا؟ هل كانت سياسة النهب والسلب التي طبقها على الجنوب واجبا؟ هل كانت سياسة محاربة الشرفاء واحتضان وتشجيع اللصوص واجبا رئاسيا؟ هل كانت سياسة الشراكة القسرية وإجبار المستثمرين على إشراك الولد أحمد في استثماراتهم واجبا رئاسيا؟ هل كان الاستيلاء على ثلاثمائة فدان من مزرعة لينين الحكومية في أبين واجبا رئاسيا؟ هل كان منح صالح الضنين عشرة ملايين ريال شهريا ومثله المئات من (المناضلين الوهميين) واجبا رئاسيا؟ وهل كان تحويل الوحدة إلى غنيمة حرب واجبا رئاسيا؟ وهل كان قتل الشباب المتظاهرين في الجنوب والشمال واجبا رئاسيا؟ وهل كان تسليم محافظة أبين لجماعة أنصار الشريعة وتمكينهم من حرق أكثر من 200 مواطن من أبناء أبين في مصنع الذخيرة واجبا رئاسيا؟ وأخيرا هل كانت سياسة قمع المثقفين والمفكرين والصحفيين المعارضين وإيوائهم المعتقلات والزنازين واجبا رئاسيا؟ وهل وهل وهل؟؟؟؟
سيادة الرئيس يستثمر الأحداث المصطنعة والزائفة استثمارا يعتقد أنه يضيف إلى رصيده نقاطا جديدة وهو يعلم أنه من أوصل اليمن إلى أسوأ المستويات العالمية في كل المعايير: مستوى الفقر، البطالة، الفساد، رداءة الخدمات، تعطيل القانون، انتهاك حقوق المواطنة وسواها.
أما موضوع النفق وبرغم علمنا أن اللجنة المكلفة لتقصي حقائقه لن تصل إلى الحقيقة ايمانا بالمقولة “إذا أردت لعمل ما ان يفشل فشكل له لجنة” إلا إننا نترك حقيقتها للمستقبل الكفيل بكشف الحقائق إن لم يكن لنا فلأبنائنا وأحفادنا.
عموما: هنيئا لفخامته هذا النفق وعقبى للأنفاق القادمة.
وكل نفق وأنت بخير.
برقيات:
* المبررات التي أوردها رئيس هيئة الأركان عن وفاة صبري بن طالب الشريك في إعدام الـ 14 جندي، فيها من العذر ما هو أقبح من الذنب، هل لاقى الرجل إهمالا طبيا إلى هذه الدرجة، أم إنه أعدم عمدا كي لا يكشف عما لديه من أسرار؟
* في كل أجهزة العالم الاستخبارية القبض على قاتل يعتبر ثروة ثمينة لا يمكن التفريط بها مهما كلف الثمن، ومثل هذا الشخص يفترض أن يكون محل رعاية وعناية وحماية حتى يخدم التحقيق في تفاصيل الجريمة الشنعاء، فكيف فارق الحياة بهذه البساطة؟؟
* يقول الشاعر العربي أحمد مطر:
وجوهكم أقنعةٌ بالغة المرونةْ
طلاؤها حصافةٌ، وقعرها رعونةْ
صفّق إبليس لها مندهشاً، وباعكم فنونهْ
وقال : ” إني راحلٌ، ما عاد لي دور هنا،
دوري أنا أنتم ستلعبونهْ”