fbpx
ثقافة امتلاك الحقيقة وصكوك الوطنية

 

لا يملك احد الحق في ان يفرض على الآخر تحديد خياراته السياسية تحت أي ظرف، للسياسي غير المتأطر وحده ان يحدد خياراته وفق قراءته لمعطيات الواقع التي يجعل منها منطلق لخطواته، اكانت هذه الخطوات مدروسة او غير مدروسة فيقع عليه ومن يؤيده تبعات ذلك. كما انه لا يحق للسياسي ان يدّعي تمثيل الآخرين دون تفويض منهم.
بعيداً عن تعميمات خاطئة يصر اصحابها على انها تنضح بالصواب، على شاكلة “كل الجنوب مع التحرير والاستقلال” او “كل الجنوب وحدوي”، فإنني لست مع العميد ناصر النوبة في حديثه اليوم أمام هادي: ” أننا جميعا في الحراك الجنوبي السلمي نؤيد كل خطواتكم يا فخامة الأخ الرئيس وقراراتكم وإجراءاتكم وما ترونه في طريق تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل ونؤكد وقوفنا إلى جانبكم في كل الخطوات حتى تحقيق كافة الأهداف المرسومة”.
ما قاله النوبة غير صحيح بالمطلق، لأن المكونات الرئيسية داخل الحراك الجنوبي السلمي لا تؤيد هادي، ولم تعترف بمؤتمر الحوار وعبّرت عن رفضها لمخرجاته في مليونيات مختلفة.
لم يكن النوبة يحتاج ان يتحدث نيابة عن الآخرين، كان يكفيه ان يتحدث عن نفسه والهيئة التي يرأسها، ومن حضروا بمعيته، وذلك حق مكفول له، اتفقنا ام اختلفنا معه، فالقضايا السياسية والوطنية مفتوحة امام مختلف التناولات والآراء. بالمقابل لست مع الهجمة الشرسة التي يتعرض لها النوبة عبر صفحات التواصل الاجتماعي، وتجريده من كل شيء، والتسرع بالمرور على تاريخه القريب بـ”استيكة” التعصب الأعمى وفتح افواهنا على مصاريعها لقذفه باقذع الأوصاف و اوسخها.
مازالت ثقافة امتلاك الحقيقة وصكوك الوطنية، سائدة رغم كل الادعاءات، ومازلنا بعيدين جداً عن ثقافة القبول بالآخر المختلف. وثقافة كهذه لن تسهم في حل القضية التي نؤمن بها، بل انها تضعها خارج مسارات الحل.